عبد اللطيف الدعيج يكتب.. وزارة الشؤون الليبرالية
زاوية الكتابكتب إبريل 1, 2018, 11:44 م 600 مشاهدات 0
القبس
وزارة الشؤون الليبرالية
عبد اللطيف الدعيج
دستور دولة الكويت، في مادته التاسعة والعشرين، يقرر أن «الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». لنقرأ المادة مرة ثانية، ونتوقف عند الشكل الأخير للتمييز، الذي عنُي الدستور الكويت بتحريمه، لا تمييز بسبب «الدين». حطيتها بين قوسين حتى يكون نفي التمييز بسبب الدين واضحاً لكل المتخلفين في المجلس والحكومة، وعند العباقرة من قادة ما يسمى بالقوى السياسية الكويتية، وبقية من يعيش بيننا بعقلية ومفاهيم الأمس.
لا تمييز بين الناس بسبب الجنس، أي النوع الانساني، ذكراً أو أنثى، أي أن المواطنين يتساوون، رجالا ونساء، صبيانا وبنات، في الحقوق والواجبات العامة. فلا يمنح الرجل حقاً أكثر من المرأة المواطنة، ولا تمنح أيضاً المواطنة حقاً أكثر من المواطن. لهذا حرص المشرّع الدستور على النص في المادة الثامنة عشرة على ان «الميراث حق تحكمه الشريعة الاسلامية»، وهو التمييز الوحيد للرجل على المرأة الذي أقره الدستور، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا تمييز بينهم بسبب الاصل، اي جنسيتهم والموطن الذي انحدروا منه، فلا تمييز للجنوبي على الشمالي، ولا يحق للأعجمي ما لا يحق للعربي. فالكل كويتيون، والكل مواطنون متساوون. ولا تمييز أيضا بينهم بسبب اللغة. فبالرغم من ان الدستور حدد أن اللغة الرسمية هي اللغة العربية، فإن الدستور يكفل حقوق من لا يجيد هذه اللغة، ويوفر له الضمانات القانونية ذاتها التي يحظى بها من يجيد هذه اللغة.
وفي النهاية مربط الفرس.. لا تمييز بينهم بسبب الدين. تعني أن الدين، أي دين، لا يكون وسيلة لتحقيق مكاسب أفضل لصاحبه على حساب صنوه الإنسان، الذي يعتقد في دين مختلف. بصريح العبارة أن يكون الانسان مسلماً في الكويت فإن ذلك لا يفضله على الإنسان المسيحي أو البوذي، ولا حتى على الانسان الذي لا يعتنق ديناً.
هذا دستورنا، وهذا ما أقره المجلس التأسيسي، وصادق عليه الشيخ عبدالله السالم، وذلك «رغبة في استكمال أسباب الحكم الديموقراطي، وإيمانا بدور الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الانسانية، وسعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفيء على المواطنين مزيداً كذلك من الحرية السياسية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد، وحرص على مصلحة الجموع، وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره»، من اجل هذا صادق الامير المؤسس على دستور الدولة، وليس من اجل حمل راية الاسلام والتبشير به في دورة كأس العالم في البرازيل أو تقتيل أطفال سوريا ليلاً والتباكي عليهم نهاراً، أو حتى إعداد خطبة، وسب بنات خلق الله من على منابر مساجد دولة الكويت.
دستورنا لا يميز الانسان المسلم على غيره، بل يحرم ذلك بنص صريح في المادة الـ29، ودستورنا يقر في مادته الثامنة أن الدولة تصون «دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين». من هذا المنطلق فإنني أطالب إما بإلغاء وزارة الشؤون الاسلامية، وإما بإنشاء وزارة للشؤون الليبرالية على غرارها. فالليبراليون وفقًا لدستورنا يتساوون كناس، ويتكافؤون كمواطنين مع أدعياء الدين والمتكسبين من وراء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
تعليقات