عدنان فرزات يكتب.. دولة الخلافة الإلكترونية

زاوية الكتاب

كتب 836 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

دولة الخلافة الإلكترونية

عدنان فرزات

 

بعد هزيمة «داعش» في سوريا والعراق، يفكر التنظيم الآن في إقامة دولته على الإنترنت. هذه ليست مزحة، بل وردت في وسائل إعلام من ضمن الاحتمالات المطروحة بعد أن فقد أفراد التنظيم الأرض التي كان من المفترض أن يقيموا خلافتهم عليها، خصوصاً عاصمتهم مدينة الرقة التي أعرفها جيداً، وهي فعلاً وفق جماليتها الجغرافية تصلح لهذا الغرض، حيث بإمكان «الخليفة» الجلوس على متكئ عند ضفة الفرات مستقبلاً الرعية قبل أن يقطع رؤوسهم.

فكرة الخلافة على الإنترنت ستكون لها إيجابية واحدة للناس، وهي أن التنظيم لن يتمكن بعد اليوم من جلدهم أو إعدامهم، فأكبر عقوبة يقدر عليها على الإنترنت هي عمل بلوك للشخص المارق. ولكنها ستكون خلافة بلا هيبة، فالخليفة في هذه الدولة الإلكترونية لن يكون أكثر من «آدمن» للموقع، والسؤال هنا: عندما كانت الخلافة على الأرض، كان تمويل التنظيم يأتي من مصادر بيع النفط المهرب وبيع الآثار المسروقة، فكيف سيكون مصدر تمويلهم في ظل الخلافة الإلكترونية؟ على الأغلب في مثل هذه الحالات يفترض أن التمويل سيكون عن طريق الإعلانات، وطبعاً وفق مفهومهم في التحليل والتحريم، لن يكون أي منتج أو سلعة قابلة للنشر، ولا حتى الشوكولاتة، لأن بعض الدول تضيف قليلاً من الكحول إلى أنواع منها، وهو ما حصل معنا في إحدى الرحلات، حيث أراد أحد الأصدقاء شراء علبة شوكولاتة من بروكسل، وترك كل الأنواع، ولم تقع عيناه إلا على هذا النوع، لولا أن حذره أحد «الخبراء» في «الشوكولاتة»، وقال له «دير بالك كان مسكوك بمطار بلدك»، فقلت له ممازحاً في هذه الحالة قل لهم إنك اشتريتها للاستعمال الطبي لتصنع منها كمادات مطهرة للجروح.

في كل الأحوال، سيتوهم كثيراً من يعتقد أن «داعش» سوف ينتهي بشكل قاطع حتى بعد الهزائم التي لحقت به، فلو كانت العمليات الحربية تنهي التنظيمات الإرهابية، لكان تنظيم القاعدة انتهى قبله. فقد ظلت الطائرات تدك مواقعه في أفغانستان وتطارد قياداته، بل وقتلت زعيمه أسامة بن لادن، ومع ذلك فالتنظيم ما زال موجوداً وكل يوم نسمع عن قتل قيادي من القاعدة في اليمن. بل إن الكثير من أفراد تنظيم داعش كان حظهم أوفر من حظ ساكني المدن التي احتلوها، فقد شاهدناهم على الشاشات كيف ينقلونهم في حافلات من مكان إلى آخر، وكأنهم في رحلة سياحية، ومعهم أسلحة «الصيد» بينما الأمهات والآباء يحملون أطفالهم على ظهورهم ويبيتون في العراء.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك