على الحكومة الجديدة في إيران أن تكف عن التدخل في دول الجوار.. يطالب صلاح العتيقي

القبس

كي لا ننسى أن نعيش

د. صلاح العتيقي

كانت أحلامه كبيرة، وهو يعلم أن تحقيقها يحتاج إلى عمل دؤوب، ولكن شخصيته الفذة تدفعه إلى الأمام دفعاً، فهو يعلم أن المؤمنين بقدسية العمل لا تقف أمامهم العقبات. لذلك، لم يحدث في يوم من الأيام أن توقف وقال هذا يكفي لقد جمعت من المال ما لم يحصل لأي بشر. إنه أسطورة المال والأعمال ستيف جوبز صاحب شركة أبل للبرمجيات، أفنى حياته بالعمل وجمع ثروة تعادل ميزانية دول، وترك ما يزيد على 750 مليار دولار بالتمام والكمال.

أصيب ستيف جوبز بمرض السرطان وهو لا يزال في عنفوانه، فلم يستطع أن يتمتع بما جمع، فلننظر ماذا قال قبل وفاته: «لقد جمعت ثروة كبيرة، وقضيت جل وقتي ألاحقها، ولَم يكن لدي وقت للفرح والسعادة، وأنا الآن ممد على سرير المرض وانتظر النتيجة الحتمية، وأصبحت هذه الثروة العظيمة لا تساوي شيئاً في نظري. الآن فهمت أنه كان لدي الوقت لأحب وأسعد بدلاً من الجري وراء الأوهام التي تبنيها الشهرة، والمال الذي أفنيت حياتي به ولا يمكنني أخذه معي. أتعرفون ما هو أغلى سرير في العالم؟ إنه سرير المستشفى. إذا كان لديك المال تستطيع أن تستأجر شخصاً كي يقود عنك السيارة ويقوم عنك بجميع الأعمال، ولكن لا يمكن استئجار شخص ليحمل عنك أمراضك وأوجاعك. اجمع كنزك من حب عائلتك وزوجتك أو زوجك من حب أصدقائك، كن عطوفاً كريما وحليماً، فلا تدري كم بقي لك من الوقت». هذه نصيحة أكبر شخص جمع المال في حياته، فهل يتعظ بعضنا ممن جمعوا المال بالحق والباطل؟

***

إيران صاحبة أطول شواطئ مطلة على الخليج، وهي جار لنا فرضته الظروف والواقع الجغرافي، وكل ما يحدث في هذه الدولة له تأثير علينا، ومن سوء الصدف أن تحدث بها ثورة تحوّلها من دولة عصرية مسالمة إلى دولة بمرجعية دينية عقائدية تعتقد أن لها الحق في التدخل في الدول الأخرى، بدعوى الدفاع عن مظلومية ليس لها وجود في الواقع، وتتخذ منها ذريعة لتدخلاتها المستمرة، كل ذلك أدى إلى سباق تسلح شرس للدول المطلة على الخليج، مما أرهق ميزانيات هذه الدول بما فيها إيران. لقد آن الأوان لأن تتوقف إيران عن هذه التدخلات التي جلبت أحلافاً خارجية لدول أخرى، وأوجدت عدم ثقة ظاهرة، ومع أنها تعرف أن تدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، ولكنها المكابرة.

إننا نأمل من الحكومة الجديدة في إيران أن تعي هذه الحقيقة، وتكف عن التدخل في دول الجوار، لأنها لا تستطيع أن تستمر في هذه السياسة المدمرة للجميع، ولا بد أن يأتي يوم تجلس فيه الدول الخليجية لبحث المصالح المشتركة والتفاهم على صداقة متكافئة تؤمن سلامة وازدهار واستقرار جميع الدول المطلة على الخليج، فهل تفعل إيران الجديدة ذلك؟