د. سامي خليفة يوجه التحية إلى الثورة الإيرانية فى ذكراها الثلاثين، مثمنا لها مواقفها الرائدة من قضايا العرب والمسلمين

زاوية الكتاب

كتب 751 مشاهدات 0




 
ثورة إيران... مباركة بامتياز
 
نبارك لإيران الذكرى الثلاثين لثورتها الإسلامية التي أسقطت أعتى طاغوت في المنطقة نهاية السبعينات، ونشكر لها مواقفها الرائدة من قضايا العرب والمسلمين، ونعتز بمكانتها وهي تمثل لنا نموذجاً جاذباً يمكن للشعوب المستضعفة الاقتداء بها إذا ما أرادت التحرر من براثن الاستعمار. ونجد أنه جاء اليوم الذي علينا جميعاً أن نعيد النظر في موقفنا السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري منها، إذ لا يعقل أن تستمر الحساسية والتشنج من دون سبب أو معنى! بل لا يعقل أن نتحدث عن عدو وهمي، وأن نصوّر هذه الثورة المباركة على أنها تهديد قائم في وقت أثبتت طوال الثلاثين عاماً الماضية حسن السيرة والسلوك، في وقت نحن من كان يحتاج إلى إثبات حسن النية تجاهها.
ولا أدل على ذلك من محطات التاريخ خلال العقود الثلاثة الماضية معنا، فإيران حين نجحت ثورتها مدّت يد الأخوّة الإسلامية لشعوب المنطقة لتقابلها الأنظمة العربية والغربية معاً بعدوان ضروس امتد أعواماً ثمانية قام بالنيابة عنهم صدام التكريتي ليحصد باسم «القادسية» الأخضر واليابس بدعم من عشرات المليارات من الدولارات الخليجية وإعلام موجه ضد الثورة هدفه تشويه الصورة وتحويلها إلى «مجوسية» و«شيعية»، في وقت تجاوز مفجرها الإمام الخميني رحمه الله الاعتبارات كلها ليتحدث عن دعم وتأييد وإسناد المستضعفين ضد الاستكبار العالمي. ويا سبحان الله كيف كان يُراد لنا أن نصدّق الإعلام العربي في الثمانينات، حين كان يغيّر الحقائق فيوصم الثورة بـ «المجوسية» وقد قامت على معادلة الالتزام بالإسلام
عقيدة وقرار الشعب حكماً؟ وكيف تحدثوا عن أطماع توسعية لها وقد لبست ثوب التحرر من العبودية والثورة ضد الظلم؟
لقد كان الإعلام العربي يستفرغ الهراء ويمارس الدجل والتضليل! ولا أدل على ذلك أيضاً مشاركة الأنظمة العربية عقوداً من الزمن جنباً إلى جنب مع الإدارة الأميركية ومن يلف حولها في الحصار الاقتصادي الظالم ضد الشعب الإيراني، لا لشيء سوى لأن إيران قد قرّرت أن تعيش العزة والكرامة، بعيداً عن هيمنة المجتمع الأبيض، بل أصرّت على مشاركتهم السباق التكنولوجي نحو التقدم والازدهار والتنمية الذاتية، في وقت هم يريدون لها أن تكون سوقاً لسلعهم التجارية لا أكثر ولا أقل، كما هو حال غالبية دول المنطقة اليوم.
ولا أدل على ذلك أيضاً اعتبار إيران العائق أمام استقرار المنطقة كونها تنادي بتحرير فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر، وكونها انتهجت الجهاد خياراً والمقاومة سبيلاً للتحرير ودعمها لقوى الممانعة في المنطقة، في وقت تريد الأنظمة العربية تكريس مشروع ما يُسمى بالسلام مع العدو الصهيوني واعتبار التطبيع معه أمراً واقعاً لابد منه. تلك الحقيقة هي السبب وراء إصرار بعض الأنظمة العربية على اتباع أسلوب الشحن الطائفي والامتعاض السياسي لعزل إيران المسلمة، في وقت تزداد إشارات ومؤشرات التودد نحو حكومة إسرائيل.
ولنكن أكثر صراحة، فالأنظمة العربية - ومنذ انتصار الثورة الإسلامية - ترى أن هناك نموذجاً شعبياً جاذباً يمكن أن تقتدي به حركات التحرر الجهادية والنضالية، إذا تركت من دون تشويه لصورتها، في وقت جل هم الإدارات الأميركية المتعاقبة كان، ومازال، إشعال الكيد والمكر لتضعيف إيران الثورة وتفتيتها من الداخل وتحصين محيطها من التأثر الإيجابي بها. لذا يمكن أن نجزم بتوافق الإرادتين المتمثلتين بمصالح أنظمة المنطقة مع مخططات الإدارة الأميركية في ذلك. وما اتهام إيران بصناعة القنبلة النووية ورعاية إيران للإرهاب الدولي والإرهابيين وغير ذلك من الهراء إلا جزء لا يتجزأ من ثمار هذا التوافق بين الطرفين.
د. سامي ناصر خليفة

 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك