التشكيلة الحكومية الجديدة جاءت مخالفة لكل التوقعات والأمنيات.. برأي حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 445 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى-  الحكومة الجديدة وخيارات النواب!

د. حمد العصيدان

 

يبدو أن دعوات النواب والسياسيين لسمو رئيس مجلس الوزراء بضرورة قراءة نتائج انتخابات مجلس الأمة بتمعّن قبل إعلان تشكيلته الحكومية، لم تلقَ آذاناً صاغية، فجاءت التشكيلة الحكومية الجديدة التي تسربت أسماء أعضائها منذ يوم الجمعة، مخالفة لكل التوقعات والأمنيات والرسائل التي بعثت للمبارك، بعد أن نال التكليف السامي بإعادة تشكيل الحكومة.

فنتائج الانتخابات، كما يعرف الجميع، جاءت بناء على برامج انتخابية كانت معلنة ومكشوفة للجميع، على رأسها استهداف عدد من الملفات التي اضطلع بها وزراء بعينهم، فكانت الدعوات أن «مهر التعاون» بين السلطتين الذي يمكن أن يقدمه رئيس الوزراء للمجلس الجديد إبعاد الوزراء الذين كانت عليهم ملاحظات، ولاسيما في الملفات الأكثر التصاقا بحياة المواطن ومعيشته، بيد أن ما حدث عكس ذلك، فقد عاد كل الوزراء الذين كانوا تحت مجهر الرصد وتهديد الخطب الانتخابية، باستثناء وزير الصحة الوحيد الذي أبعد عن الحكومة من الوزراء مثار الجدل. ما يعني ان الحكومة الجديدة ستضع النواب امام أمرين لا ثالث لهما، إما المواجهة والتصعيد وهو أمر لا يمكن التنبؤ بعواقبه، أو التخلي عن وعودهم الانتخابية، وهذا يضع النائب على محك المصداقية مع ناخبيه.

وفي وقفة بسيطة نلقي نظرة على أبرز ملفات المواجهة بين الحكومة والمجلس، عبر وزرائها العائدين أو الجدد.

أول وأكثر الملفات سخونة في الحملات الانتخابية، كان قضية سحب الجناسي، وتهديد المرشحين بعودتها لمن سحبت منهم لأسباب سياسية، وكان المسؤول الأول في قضية سحب الجنسيات تلك ـ وفق التوصيف النيابي ـ وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الذي اتهم بأنه استخدم سلطة سحب الجنسيات بعيدا عن القانون. ولم يغفل مرشحو المجلس أثناء الندوات الانتخابية القضية، وتعهدوا أمام الناخبين بعودة الجنسيات لمن سحبت منهم، وبالتالي فإن تدوير الوزير الذي سحب الجنسيات لن ينهي المشكلة، وخاصة أننا شهدنا تأكيدا من النواب الذين تبنوا القضية في حملاتهم بفتح هذا الملف وجعله في مقدمة الأولويات، بل إن النائب محمد هايف نشر مشروع قانون الأسبوع الماضي سيتقدم به حول القضية يعزز فيه مسألة المواطنة ويمنع سحبها ممن اكتسبها بالتبعية، كالأبناء، إذا سحبت من الأب. ليتأكد أننا أمام معضلة كبيرة في هذا السياق، وقد لا تهدأ الأمور إلا على أمر كبير، فهل يستطيع الوزير القادم من وزارة الدفاع أن يتعاطى مع هذا الملف؟

ثاني تلك الملفات التي أخذت نصيبا كبيرا من الوعود الانتخابية، هو وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي أخذ الشعب من نوابه في ندوات الانتخابات عهدا بأن توقف هذه الوثيقة، ويتم التراجع عما نفذ منها، وهنا يبرز اسم وزير المالية العائد أنس الصالح الذي تبنى هذه الوثيقة. فهل يمكن له أن يسحب فتيل الأزمة بإعادة ملف وثيقة الإصلاح كله إلى ملعب المجلس، أم أنه سيستمر في الأمر مهما كلفه من حرب نيابية عليه؟

ثم يأتي بعدهما وزير الإعلام، المتهم بالتضييق على الحريات الإعلامية من خلال قانون الإعلام الالكتروني، يليه وزير الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح التي أوقفت ملفات كثيرة للمساعدات لذوي الإعاقة وكذلك الخاصة بالكويتيات المتزوجات من غير كويتيين، وهو ما جعلها تحت سهام النقد والتلويح بالمساءلة من النواب، فهل تصمد في وجه مجلس ليس كسابقه؟

أما الوجوه الجديدة من الوزراء فالحكم عليها سيأخذ وقتا في ظل عدم معرفة توجهات كل وزير، وكيفية تعاطيه مع الملفات التي سيتسلمها من خلفه، ولاسيما ممن تسلموا وزارات خلفا لوزراء نواب اتهم بعضهم بالتكسب الانتخابي من خلال التعيينات التي قاموا بها. ويبقى التساؤل في ظل هذه التشكيلة الحكومية، هل تريد الحكومة المواجهة مع المجلس وإيصال العلاقة بينهما إلى طريق مسدود أم أنها ستغير سياستها وسياسة وزرائها العائدين بما يتوافق مع التوجهات النيابية؟ أم أن هناك هدفا ثالثا وهو أنها تريد للنواب ان يضعوا الوعود الانتخابية في ملفات الأدراج والسير في ركابها؟

الخطابات الأولى والمؤشرات تبشر بنهج جديد، ولكن يبقى المقياس الواقع الذي سنعيشه معهم، في ظل موقف نيابي معارض للتشكيل واتهامات كثيرة للحكومة بأنها حكومة «تأزيم» و«ترضيات» و«لم تكن على قدر المأمول» وفق التصريحات الأولية للنواب. بين الطرفين سننتظر ونراقب ونرى.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك