العزف على ' جيب المواطن' تتصدر خطابات المرشحين في الإنتخابات.. كما يرى حمد العصيدان

زاوية الكتاب

كتب 476 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى - العزف على... «جيب المواطن»

د. حمد العصيدان

 

مع دخول السباق الانتخابي نحو مقاعد مجلس الأمة أمتاره الأخيرة، ونحن على بعد خمسة أيام فقط من يوم الاقتراع، ترتفع وتيرة الحملات الانتخابية، ويرتفع معها صوت المرشحين، وقد امتطى كل منهم حصان الدستور، وامتشق سيف الدفاع عن المواطن، في ظل تعسف الحكومة التي أول ما بدأت به من خطة وثيقة الإصلاح الاقتصادي، «خرق جيب المواطن» برفع الدعوم ورفع الأسعار، حسب ما يروجه المرشحون في ندواتهم وتصريحاتهم الانتخابية.

وبمناسبة «جيب المواطن»، فقد أصبحت العبارة لازمة في بداية خطاب كل مرشح في كل الندوات الانتخابية، والتصريحات الصحافية. والطريف في الأمر أن نواب المجلس المنحل كانوا في طليعة من يهاجم «اعتداء الحكومة على جيب المواطن»، وكأنهم لم يكونوا نوابا عندما باركوا الخطة وأيدوا الحكومة في طريق إصلاحها الاقتصادي. فأخذوا يطلقون العهود والوعود بأن يقفوا سدا منيعا في وجه السياسة الحكومية التي وضعت المواطن في مقدمة أهدافها في الإصلاح.

وبعيدا عن تحديد الأسماء، إن كانوا مرشحين جددا أو من المجلس المنحل او المجالس قبله، وفي نظرة تحليلية لما يطرح من برامج انتخابية، خلال الأيام السابقة على الأقل التي شهدت زخما كبيرا في الندوات وافتتاح مقرات، نجد أن مصطلح «جيب المواطن» استهلك واستنزف، إلى درجة أننا عندما أصبحنا نسمعها من هذا المرشح أو ذاك، نشعر بالغثيان بعد أن تم الخوض في هذا الامر إلى درجة الإسفاف في الطرح، فبعضهم رأى الحكومة «مست» ذلك الجيب، وبعضهم رآها قد «ثقبته» وفريق ثالث رفع الوتيرة إلى درجة أن الحكمة قد «خرقته»، ثم بعد التوصيف تبدأ موجة التهديد والوعيد التي ترتفع إلى حد المساءلة لأعلى هرم الحكومة «انتصارا لجيب المواطن» بل هناك من توعد بأن يكون استجواب رئيس الوزراء في أول جلسات المجلس المقبل، إذا نجح في الانتخابات.

ولا شك أن رفع الصوت ولهجة الكلام في هذا الملف يؤكدان أن هناك الكثير من المرشحين يفتقد إلى البرنامج الانتخابي الحقيقي الذي يقوم على أسس صحيحة تقدم للمواطن حتى يقتنع بها، وإنما الهدف هو دغدغة المشاعر، بعد معرفة الجميع بمدى السخط الشعبي على الإجراءات الحكومية. ويبرز ذلك في كل ندوة أو تصريح أو لقاء تلفزيوني، وبالمناسبة فإن القنوات التلفزيونية الكويتية قصرت كل برامجها على لقاءات المرشحين وتغطية ندواتهم، هذا عدا التطرق لملفات انتهى مفعولها، ومنها قضية قانون البصمة الوراثية الذي جاءت التعليمات السامية لطي صفحته وإنهاء الجدل حوله، ولكن البعض ـ ولأنه يفتقد البرنامج الانتخابي الحقيقي ـ يعود ليجتر هذا الملف في محاولة لاستقطاب تأييد الناخبين.

بالمقابل، وحتى لا نبخس البعض حقوقهم، هناك بعض المرشحين يمتلكون رؤية سياسية وتشريعية ممتازة، وبرامج انتخابية متعوبا عليها، تستحق أن يتابعها الناخب ويقف على مدى مواءمتها لواقعنا المحلي، وهذه البرامج هي ما يجب ان تكون معيار الناخب في المفاضلة بين المرشحين وليس أي شيء آخر، لا من علاقة أسرية او قبلية أو طائفية.

وهنا لا بد أن نشير، خصوصاً ان المقال سيكون الأخير قبل الاستحقاق الدستوري، إلى أن العملية الانتخابية واجب وطني، ووقوف الناخب امام صندوق الاقتراع مسؤولية عظيمة، وشهادة يقوم بها الناخب، سيسأل عنها أمام ضميره وأمام الله، فهل يكون شاهد حق وعدل أم شاهد زور وبهتان؟ هذا ما يحدده اختيار الناخب للمرشح، إن كان تم اختياره بناء على معايير وطنية ودستورية لخدمة الوطن والمواطنين، ام بمعايير فئوية ضيقة، وما أكثرها عندنا في الكويت؟!

فليحكم الناخب ضميره ووطنيته أمام الصندوق، ولينسَ ما وعد به فلانا او علانا بالتصويت لها، فأمام الصندوق لا يتحكم بصوتك إلا ضميرك وقلمك، فحكّمهما قبل أن تضع علامة «صح» أمام المرشح الذي تختاره. ونلتقي في المقال المقبل على مجلس جديد.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك