الصراع بين التنوير والتخلف في الكويت بدأ منذ أوائل القرن الماضي..برأي وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 511 مشاهدات 0

وليد الرجيب

الراي

أصبوحة- الصراع بين التنوير والتخلف

وليد الرجيب

 

لم يبدأ الصراع بين اتجاهات التنوير واتجاهات التخلف في الكويت، قبل عقود قليلة وتحديداً في أواخر السبعينات، في فترة ما يسمى بالصحوة الدينية كما يعتقد البعض، بل يعود إلى بدايات القرن الماضي، علماً بأن هذا النوع من الصراع وجد مع الإنسان وتشكل وعيه، وهو المحرك للتاريخ وللتقدم.

فقد خاض شيوخ الدين المستنيرين مثل الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والشيخ عبد العزيز الرشيد وغيرهما، صراعاً ضارياً مع دعاة التشدد والغلو الديني، حتى أثناء بناء المدرسة المباركية عام 1911، وأيضاً من أجل تعليم اللغة الإنجليزية في المدرسة الأحمدية، وكذلك من أجل حق الفتاة في التعليم، وتوجت اتجاهات التنوير على التخلف والتشدد بالنصر، وهذه هي صيرورة الحياة.

وقد حكى لي الأستاذ حمد الرجيب رحمه الله، عن الظروف الصعبة التي كان يواجهها المسرحيون منذ ثلاثينات القرن الماضي، وزودني الأستاذ حمد الحمد مشكوراً، بصورة من كتابه أحمد مشاري العدواني من مقاعد الأزهر إلى ريادة التنوير، نقلاً عن كتاب الأستاذ المسرحي الدكتور سيد علي إسماعيل، الذي يقول إنه «تمت دعوة زكي طليمات للإشراف على الحركة المسرحية في الكويت عام 1960، وتم تأسيس أول فرقة مسرحية وهي فرقة المسرح العربي في العام 1964، وإن تطوير طليمات للمسرح لاقى معارضة شديدة من المحافظين، عندما أدخل الاختلاط حيث تظهر لأول مرة نساء على المسرح مع الرجال، وتمت مهاجمة الأستاذ زكي على منابر المساجد، ولقي مساندة ودعماً من الجهات الرسمية ومن حمد الرجيب بالذات، وتم تأسيس مركز الدراسات المسرحية، الذي حول إلى المعهد العالي للدراسات المسرحية».

كما زودني الأستاذ حمد الحمد أيضاً، بمقال في مجلة عالم الفن، كتب عام 1977 تحت عنوان «يا ويلك من الله»، يعترض فيه الكاتب على مسلسل (درب الزلق)، قائلاً: إن المسلسل قد أساء إلى الكويت، ويسيء فعلاً للمشاعر ويشوه الحقيقة، يكفي أن صورة الآباء والأجداد قد اهتزت، إلى آخر المقال الساخط على المسلسل المبدع، الذي ما زال يعيش في وجدان الشعب الكويتي.

هذا الصراع بين التنوير والتخلف استمر إلى يومنا هذا، لكن في الماضي كان القيادات السياسية والمسؤولون يتجاهلون مثل هذه الاعتراضات، كانوا يملكون العزيمة للدفاع عن الثقافة والتنوير والفنون التي تميزت بها الكويت.

ووصلت الفنون في عهدنا إلى الحضيض، وتخلفت الثقافة وعلاها الغبار وفقدت بريقها، بسبب التشدد والغلو، ومحاولة فرض أجندة حياتية على الشعب، وعاش المثقفون والفنانون الجادون في إحباط ويأس، وحاول المتشددون النيل من أكبر صرح ثقافي، ومن الأعمال العالمية المتطورة التي قدمت في افتتاح مركز جابر الأحمد الثقافي، ولكن الهجوم بدأ يتضعضع أمام مد الفرح الذي اجتاح الشعب الكويتي، وصلابة الموقف من المسؤولين ضدهم.

لكنهم سيستمرون في محاربتهم للتنوير كلما سنحت لهم الفرصة، وعلينا وعلى المسؤولين، أن نكون مدافعين شرسين ضد محاولة جر الكويت إلى الخلف، ولكننا سنبدأ صفحة جديدة، أفضل وأكثر اشراقاً من الحقبة الماضية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك