كيف يرضى البعض أن يجعل الدين مطية للوصول إلى مناصب زائلة زائفة؟.. يتسائل عبد العزيز الكندري
زاوية الكتابكتب نوفمبر 8, 2016, 12:19 ص 464 مشاهدات 0
الراي
ربيع الكلمات- ازدواجية المعايير... والانتخابات
عبد العزيز الكندري
بعض المشايخ والدعاة والوعاظ، يمارسون العمل السياسي بصورة مستمرة وعلى مدار العام. ويكون لديهم وعي سياسي من خلال الممارسة السياسية اليومية، فتجد آراءهم فيها نوع من النضج والوعي، ولو كان من الأفضل التخلي عن عباءة الدعاة أو الوعظ، لأن الدين له قدسية على عكس الآراء السياسية. وهناك نوع ثانٍ من المشايخ والدعاة لا يمارسون أي عمل سياسي، وإنما فقط وقت الانتخابات يدعمون ويزكون أحد الأطراف أو المرشحين على حساب آخرين.
ولو بحثت عن تاريخهم السياسي وسبب الدعم لمثل بعض المرشحين، لوجدت أنها من أجل مصلحة شخصية ومنصب أو عضوية في أحد اللجان أو الجمعيات، تم تعيينه أو مواعدته لها... وسأتحدث عن النوع الثاني الذي يعمل من أحل مصلحة شخصية صرفة ومنصب زائل.
ولو انتقدت هذا النوع الثاني من الدعاة والمشايخ، لسمعت البعض يقول لك «لحوم العلماء مسمومة»، وكأنهم محصنون من النقد. نعم لحوم العلماء الربانيين الذين يعملون على بصيرة، كما ذكر الشيخ الفاضل ابن عثيمين - رحمه الله - في شرح «رياض الصالحين»، قال في شرح حديث «يا عبادي إني حرمتُ الظلم...»، إن «غيبة العلماء تُقلل من شأن العلم الذي في صدورهم، والذي يعلمونه الناس، فلا يقبل الناس ما يأتون به من العلم، وهذا ضرر على الدين».
وحتى يحترم ويقدر الناس الداعية أو الواعظ، يحب أن يبتعد عن الانتخابات كلياً، إذا كان لا يجيد العمل السياسي أو لم يمارسها يوماً، لأن هذا دين، والناس تنظر للواعظ على أنه مبلغ الدين للناس. والمشكلة الأكبر أن ألسنة الناس تتحدث عن سبب تحرك هذا الداعية... أهو منصب أو الوعد به؟ عندها تهتز ثقة الناس به.
وكيف يقبل على نفسه أي منصب دنيوي نتيجة استخدامه للدين للوصول إلى هذا الكرسي؟ كيف يرضى أن يجعل الدين مطية للوصول إلى مناصب زائلة زائفة؟
ومن نافلة القول، ان الداعية يستطيع ابداء رأيه في القضايا التي يعتقد بها، ولكن ليس على منبر الجمعة. ولكن مع الأسف نجد من يخلط بين رأيه السياسي والحزبي الضيق مع إعطاء ذلك صبغة دينية، ويتم خصومه بأشد أنواع الاتهامات من دون سماع نصيحة أحد.
أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس، قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين، منهم عبدالرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب، في آخر حجة حجها، إذ رجع إليّ عبدالرحمن، فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم، فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان؟ يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فغضب عمر، ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم. قال عبدالرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكنا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله، إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة. فتأمل كيف كانت نصيحة سيدنا عبدالرحمن بن عوف للخليفة عمر بن الخطاب، حيث ان هذا الخطاب السياسي ليس كل شخص يستطيع فهمه بطريقة صحيحة.
تعليقات