هناك أزمة ثقة بين الشعب وبين الحكومة.. برأي محمد العطوان
زاوية الكتابكتب أغسطس 10, 2016, 2:11 ص 398 مشاهدات 0
الراي
خواطر صعلوك- احترس... هذا المقال ملغوم!
محمد العطوان
في الواقع حكومتنا ليست بتلك السوء، ولا قباحة الأفعال التي تجعلنا نلومها مع كل شروق شمس وانسدال ليل، ولا يوجد بين أطرافها ذلك الذي يقول (من قال لي اتق الله بعد مجلسي هذا.. قطعت عنقه)، بل إني أعتقد أنها تسعى من أجل التغيير والإصلاح وتطبيق القانون، ولكن ببطء ربما يراه البعض وقوفاً أو تراجعاً في زمن تقدمت عنا فيه دول كنا نسبقها، وأعتقد كذلك أن الوزراء والوكلاء مخلصون، ولكن هناك خللاً ما! وهم في نهاية الأمر منا نحن الشعب وليسوا من كوكب آخر، وأعتقد أنه من المعيب أن نطعن في الناس بذواتهم أو عائلاتهم من دون أن نملك أدلة أو براهين على ذلك، لأن ذلك يسمى بهتاناً.
إلى هذا السطر أعتقد أيضاً أنه حان الوقت لك عزيزي القارئ أن تتساءل في سرك عن قيمة (الشيك) الذي تسلمته كي أكتب ما كتبت أعلاه؟ وحتى لا يأخذك الخيال لمناطق سحيقة ووديان مخيفة وترميني بكلمات أكثر إيلاماً من تلك التي قالها مالك في الخمر، وقالها روبيسبير في ماري أنطوانيت، فسأعمل فوراً على تحويل مسار المقال لمساحة أخرى، وأعطيك إشارة لجهة (اليسار) وأقول (إن الحكومة لا تشعر بمواطنيها، وقد سيست كل شيء في حياتنا عدا السياسة، وأقرب ما يقال عنها إنها تعمل على (تصريف العاجل من الأمور)، وقد فشلت في حل أزمة الإسكان والتعمير بدرجة امتياز، وتفاقمت في عهدها لغة (نحن) و(هم) على اختلاف أشكالها الطائفية والطبقية والمناطقية والرياضية ما جعل مثقفي البلد إما تحت التحزبات وإما العيش في العزلة، وحتى بين الوزارات نفسها حيث سمعنا عن وزارات ترفض التعاون مع أخرى).
وأعتقد أنه حان الوقت مرة أخرى لك عزيزي القارئ أن تقول مستاءً (كيف تنقل هذا الكاتب من دور الحكومي إلى دور المعارض خلال سطور عدة؟).
حسناً.. في الواقع إن ما كُتب أولاً ليس فيه شيء من لعب دور الحكومي، وما كتب بعد ذلك ليس فيه شيء من لعب دور المعارض، وإن وجهتي النظر تحملان من الحق أكثر بكثير من الباطل، ولكن مشكلتنا أننا ننظر لكل حكومي أو مسؤول على أنه فاسد، ولكل معارض أو خارج السلطة على أنه مصلح مستقيم.. وهذا ما لا يستقيم.
لأننا بذلك نحرق كل من حاول الإصلاح داخل الحكومة، وندعم بإخلاص كل من دغدغ مشاعرنا من المعارضة بكلام جميعنا نعرفه عن الأوضاع، ولكنه لا يقدم شيئاً عندما يصل.
ومن هنا نجد أن الإشكالية تنحصر في أنه هناك (أزمة ثقة) بين الشعب وبين الحكومة، وهذه الأزمة صنعت خطاباً أيديولوجياً مغلقاً يهرس أي لون رمادي من أصوات العقلاء الذين هم خارج السياق السياسي، والقادرين على فرش أرضية (تسوية) كان ينبغي أن تُفرش منذ زمن، فما الذي يجعل رجلاً أو امرأة يغامر باسمه من أجل إيجاد حل وسط بين أغلبية تطلب منك أن تحدد موقفك، والذي يجب أن يكون معارضاً حاداً، فكما قالت المغنية لطيفة واصفة حالنا (بحب في غرامك وألاقي في كلامك محدد قصادي.. يا أبيض يا أسود.. لكن مش رمادي)؟
ولا تعتقد عزيزي القارئ أن هذا المقال هو دعوة لمسك العصا من الوسط والجزرة من الخلف، ولكنه يشير إلى أي مدى وصلت مرحلة عدم ثقة الشعب في الحكومة مما خلق خطاباً أيديولوجياً معارضاً وبالتالي فكل ما يعارضها هو خطاب حكومي فاسد، وإلى أي مدى وصل خطابنا الذي ينسف جميع المحاسن من أجل سلبية.. سواء على مستوى الحكومة أو مستوى المعارضة، وتعاملنا بمنطق أنغام وهي تقول: «لما ساعات بتحِنلها طب كُنت ليه بتقربلي؟»، وهو منطق عُشاق وليس منصفين سياسيين.
وكيف إن خطاباً ثقافياً من هذا القبيل كفيل بأن يثبت لك بالدليل أننا نعيش في حفل سياسي تنكري كبير.. حيث المعارض معارض بالجملة، والحكومي حكومي بالجملة. فلا تستطيع أن تصفق للعرض الحكومي إذا أحسن ولا للأداء المعارض إذا أبلى بلاءً حسناً، وفي وهذا الحفل عليك أن تبقى مفصوماً كي لا تُطرد أو أن تبقى في بيتك كي لا تقذف بالحجارة.
عموماً الكتابة في هذا النوع من المواضيع هي مغامرة كبرى حيث تجعل كل سطر يقف عارياً عند الحواجز الأمنية والنقاط التفتيشية التي ينصبها الحكومي والمعارض.. والقارئ.
ولذلك فسأريح البعض من عناء التفكير من خلال القصة القصيرة.
قصة قصيرة
- ألو.. هلا طال عمرك.. قريت المقال اللي كتبته؟
- إي نعم قريته... مر علي المكتب علشان تشرب شاي بالياسمين!
(من كتاب إشباع الثقافة الشعبية).
وقصة قصيرة أخرى:
(إذا عارضت هذا النظام أشعر بأني خائن، وإذا أيدت هذا النظام أشعر بأني خائن، فماذا أفعل؟ هل أنتحر؟)
مذكرات مواطن مصري غداة هزيمة 1967.
تعليقات