الدافع لدى النخب السياسية نحو خوض الانتخابات سببه الاحباط الشعبي من أداء مجلس الأمة الحالي.. برأي ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب مايو 16, 2016, منتصف الليل 689 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية- بين الخائضين والمقاطعين
ناصر المطيري
مصطلح «الخوض» له معان عدة منها الشرعي والقانوني والسياسي، ويختلف مدلول الخوض حسب سياقاته بين خوض مذموم وخوض محمود، حيث يعتبر الخوض في مقام الذم الشرعي في قوله تعالى «كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ، حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ، فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ»، المعاني التي جاءت في كتب التفسير عن تفسر الخوض في الآية بالتكذيب مع المكذبين أو الغواية مع الغاوين أو أن يكون الشخص تابعا لا متبوعا أو أن لايبالي ويكثر من الكلام الذي لاخير فيه.
وعرفنا أن السياق القانوني لمصطلح الخوض يأتي من ضمن اختصاصات الجهات القانونية والقضائية في «حظر الخوض» بشأن قضية معينة نظرا لحساسيتها أو سريتها بما يحقق المصلحة العامة وفق رأي وتقدير رجال القضاء.
وبخلاف المفهومين الشرعي والقانوني لمصطلح الخوض باعتباره عملا مذموما، وجدنا أن الخوض وفق المفهوم السياسي الجديد ينقلب فعلا محمودا اذا كان يتعلق بالمسارعة في اعلان الخوض الانتخابي لاسيما اذا جاء هذا الخوض ممن اعلن سابقا المقاطعة والتزم بعدم الخوض.
أخبار الخوض الانتخابي تتوالى كل يوم من مختلف الدوائر وبوقت مبكر قبل أكثر من سنة على الانتخابات النيابية القادمة، وهو الأمر الذي لم يكن معهودا في السابق، حيث كانت اعلانات الخوض تسبق موعد الانتخابات بثلاثة أشهر وربما أقل.
الملفت هذه المرة أن هناك مايشبه التسابق على اعلان الخوض الانتخابي المبكر ماشكل ظاهرة تحول سياسي جديدة في التوجه والفكر والمبدأ، فأصبح المصفقون للخوض الانتخابي ونبذ المقاطعة أكثر من الملتزمين بعدم الخوض بشكل واضح، مما ينبئ عن توقعات بمشاركة شعبية واسعة في الانتخابات القادمة ربما يقابلها عزل لفئة المقاطعين الملتزمين بمبدأ عدم الخوض.
الرهان في صحة أحد الموقفين يعتمد على التشكيلة النيابية الجديدة لبرلمان 2017، لاحداث التغيير الذي يطمح اليه الناس، لأن الدافع لدى النخب السياسية نحو خوض الانتخابات وانهاء مبدأ المقاطعة تبريره الأول والأساس هو الاحباط الشعبي من أداء مجلس الأمة الحالي وما ترتب عليه من سلبيات وضرر استشعره المواطنون الذين كانت مقاطعتهم سببا في أن يكون المجلس بلون سياسي واحد يغلب عليه طابع الموالاة ولاتمثيل فيه للمعارضة، وهذا بلاشك يشكل خللا في التركيبة النيابية التي من المفترض أن تقوم على التعددية وفق أبسط مفاهيم الديموقراطية.
أما المراهنون على فشل الخوض الانتخابي وفقا لنظام الصوت الواحد، فيعتقدون أنه مهما اتسعت المشاركة الانتخابية فلن تسفر النتائج، على أحسن تقدير، الا عن أقلية برلمانية معارضة لن يكون لها تأثير لارقابي ولاتشريعي وبالتالي لن يحصل التغيير المبتغى، لذلك هم يفضلون الثبات على مبدأ المقاطعة على خوض مغامرة المشاركة فيما لايحقق أغلبية للمعارضة.
نتيجة الرهان على أحد الموقفين ستكون محسومة «بصوت واحد»، وسوف تعلنها نتائج الانتخابات القادمة، فهي لن تخرج من أحد أمرين: بين ربح «الخائضين» أو شماتة «المقاطعين»، والى أن يحين ذلك الوقت ننتظر ونراقب، داعين الله أن يكتب الخير للوطن وأهله.
تعليقات