لو لا الحشد العسكري الأميركي الاعظم، لكانت الكويت نسياً منسياً .. هكذا يعتقد حسن كرم
زاوية الكتابكتب مايو 12, 2016, 12:16 ص 946 مشاهدات 0
السياسة
لماذا نحب أميركا؟
حسن علي كرم
لعلي لا أغالط الواقع اذا قلتُ: هناك ثلاثة أطراف تناصب أميركا العداء، أولها التنظيمات الاصولية المتطرفة مثل الدواعش والقاعدة والنصرة وهي في الأساس صنيعة أميركا وثانيها عملاء المخابرات الاميركية وثالثهما مع الخيل يا شقرا رعاع ينعقون وراء كل ناعق، هؤلاء تقريباً هم القوى المؤثرة على الارض، خصوصاً أن وراءهم أدوات أعلامية جبارة الصحف الورقية والالكترونية والقنوات التلفزيونية وغيرها من وسائط التواصل الجماهيرية الحديثة التي تبث المغالطات وتزور الحقائق، وهناك بذخ وصرف مجنون على تلك الأدوات كي تبقى على مدى الـ 24 الساعة في الليل والنهار « تزن» على عقل المواطن العادي البعيد عن الدوائر السياسية وصناعة الحدث بقصد معاداة غير مبررة لاميركا الدولة الأعظم التي تمتد أذرعها الطويلة الى أي بقعة من المعمورة إذا شاءت.
في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية وأحتدام ما يسمى بالحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق والمعسكر الرأسمالي الغربي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية كان العالم منقسماً ايضاً ما بين الانتصار لهذا المعسكر أو لذلك، واذا كانت هناك شعوب كثيرة كانت تناضل من اجل أستقلال بلدانها من القوى الاستعمارية المحتلة لاسيما الشعوب الافريقية والآسيوية، وأذا كانت ميزة حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي انها كانت عصر الثورات والانقلابات والانتفاضات الشعبية على أنظمة الحكم لكنها كانت أيضاً عصر الانقسامات ما بين الغرب الرأسمالي والشرق الاشتراكي من هنا كان الوجود الاميركي او السوفييتي خارج معسكرهم في بلدٍ ما يتقرر وفقاً لسياسة النظام الحاكم، ولعلنا عاصرنا في تلك الحقبة المتأزمة صراع العملاقين على الوجود والنفوذ في منطقتنا الشرق الاوسطية سيما أن الكثير من دول المنطقة أما كانت خاضعة للاحتلال أو أنها أستقلت حديثاً، وبالتالي كانت تحتاج لمدها بالمساعدات في كل الاوجه التنموية والحياتية، وكانت الشعوب كالأنظمة أيضاً أما أشتراكية حيث أنتعشت الأحزاب الشيوعية رغم تدين شعوبها المسلمة وأما رأسمالية حيث يحكمها البرجوازيون والرأسمالية الاستهلاكية.
وفي كل الأحوال لم تكن أميركا أو روسيا القيصرية قبلاً والاتحاد السوفييتي البلشفي بعداً غائبين عن مياهنا الدافئة، فكان الصراع على النفوذ والهيمنة على المنطقة قديما، فكانت الفرقاطات والبوارج والسفن تصل الى شواطئ بلداننا، لا سيما الكويت، التي لم تكن نقطة مجهولة أو منسية، بل لعلها إحدى أهم النقاط الستراتيجية التي التفتت الى أهميتها مبكراً القوى العظمى، ولعل الصراع ما بين العثمانيين من جهة والإنكليز من جهة أخرى للسيطرة على الكويت دليل على أهمية موقع هذه البقعة من الارض رغم صغرها.
أن علاقات الدول لا تقوم على أساس الحب او الكره فالمقولة التي أطلقها رئيس الوزراء البريطاني التاريخي ونستون تشرتشل ما زالت هي الحكمة الخالدة التي تجدها معلقة على جدران غرف السياسيين وكتاب الامير لميكيافللي هو المفضل والوحيد الذي يحفظ عباراته السياسيون عن ظهر قلب بل ويحتفظون به كأيقونة في جيوبهم، أن الشعوب هي التي تدفع ضريبة العلاقة المتوترة أو الحميمة بين دولتين أما الانظمة فقد لا تشعر بالضرر الذي يلمس شعوبهم، فإيران على سبيل المثال ظلت طوال الستة والثلاثين عاما الماضية بعد سقوط عرش الطاووس تهتف الموت لاميركا والموت لإسرائيل، ولم ينقطع اتصالها مع الأميركان ولا مع الأسرائيليين، فهذه الازدواجية التي فرضها نظام الملالي على الإيرانيين كانت كافية ليتجرع الايرانيون الذين لا حول لهم ولا قوة السم الزعاف حيث البطالة والفقر والنقص في الكثير من مستلزمات الرفاهية ناهيك بالانقطاع عن العالم الخارجي جراء المقاطعة والسياسات الخرقاء أن عداء الثورة الإيرانية لاميركا خصوصاً وللغرب عموماً لم يكن له ما يبرره الا ان الثورة قامت لتحرير الشعوب المضطهدة من الاستغلال وهذا زعم يتناقض مع الواقع، فالشعوب لا تسعى ألا للسلام والرفاهية والاستقرار، وأنما حفنة من الطغاة الحاكمين الذين يتسلطون على رقاب شعوبهم البائسة يجلبون لهم البؤس والعزلة.
الحديث في هذا يطول، لكنني اختصاراً للموضوع أقول إن ما يهمني كمواطن كويتي حماية أمن و أستقلال الكويت من المخاطر المحيقة بها، فالكويت تعرضت في خلال تاريخ أنشائها الى العديد من الغزوات والحروب الجائرة لهدف قضمها وهضمها، لكن الله جل شأنه كان نصيرا لهذا البلد الوادع والوديع شعب طيب وحكم رشيد، ورغم ان الإنكليز الذين وضعوا مصالحهم الخاصة على مصالح محمياتهم ومنها الكويت، ألا أن من الانصاف ألا نتناسى دورها في حماية الكويت من المطامع العثمانية على سبيل المثال، فأتفاقية الحماية التي أبرمها الشيخ مبارك الصباح مع الإنكليز كانت ضربة أستباقية للأستانة رغم أنه لم يكن للاتراك أي نفوذ أو وجود تركي على الكويت لكن رغم تمسك الكويت وبريطانيا ومازالتا بالعلاقات التاريخية القوية، الا أن بريطانيا لم تعد الدولة العظمى التي لا تغيب عنها الشمس، فبريطانيا اليوم قد تعد من دول العالم الثالث، حيث أنكمشت على الداخل فيما تراجع نفوذها العسكري والتجاري والسياسي، بالمقارنة مع الولايات المتحدة الاميركية وروسيا أو الصين كقوة اقتصادية وألمانيا، الكويت ينبغي ألا تتقارب ألا مع القوى العظمى، فالغزو العراقي كان كافياً لكي نعرف أعداءنا من أصدقائنا، ولو لا الحشد العسكري الأميركي الاعظم الذي أعاد لهذا البلد الوادع شرعيته واستقلاله من براثن العدو الصدامي، لكانت الكويت نسباً منسياً ولكان الكويتيون مشردين ولاجئين في أقاصي الارض، ولعل الغزو العراقي لم يكن مؤامرة أميركية نفذها صدام حسين، وانما مطامع عراقية من عقليات جاهلة ومريضة عشعشت فيها أوهام الجهل والقراءة الخاطأ للتاريخ وخداع بالقوة، وفي كل الأحوال، على كل كويتي محب لوطنه الا ينخدع بالسموم التي يبثها الاعلام المخادع والمتطرف عن الدور الاميركي التآمري في المنطقة، فنحن كدولة صغيرة وضعيفة علينا ألا نتحامى الا بقوة كفيلة بحمايتنا من المطامع المحيطة بِنَا، لا تتصوروا أن بهزيمة الغزاة العراقيين (1991) قد تلاشت المخاطر عن الكويت، فالمطامع باقية والشهية مازالت مفتوحة.
تعليقات