عن جنسية أبناء الكويتية .. تكتب دانة الرشيد

زاوية الكتاب

كتب 3920 مشاهدات 0


في مناسبة اليوم العالمي للمرأة والذي يصادف 8 مارس من كل عام تظهر للسطح قضية ليست بجديدة ومطالبات طال انتظار إجابتها فهي قضية تثير كلما برزت نقاشات وخلافات تارة قانونية وتارة أخرى اجتماعية ، وجاء بيان من الجمعية الكويتية لحقوق الانسان ينادي بضرورة تعديل قانون الجنسية مانحا المرأة الكويتية الحق بمنح جنسيتها لزوجها وأبنائها والبيان أفاد بأن هذا التعديل سيحسن الأوضاع لتكون متسقة مع الدستور ويتجلى ذلك في نص المادة(9):الأسرة أساس المجتمع،قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن،يحفظ القانون كيانها،ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة/ والمادة (29):الناس سواسية في الكرامة الإنسانية،وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة،لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين.

وتتحدد هذه القضية في ناحيتين قانونية وأخرى اجتماعية على النحو التالي: من الناحية القانونية تكمن المشكلة في أن أساس منح الجنسية الكويتية وفقا للقانون الكويتي يرجع للأب حيث يمنح الأب الكويتي جنسيته لأبنائه بغض النظر عن جنسية الزوجة وهنا لا تستطيع المرأة الكويتية حال زواجها من أجنبي منح جنسيتها لأبنائها وفقا لذات المبدأ فهم يكتسبون جنسية والدهم بالتبعية والقانون الكويتي يمنع الازدواج أما بالنسبة لمبدأ المواطنة فليس كل من يولد في الكويت كويتيا على خلاف بعض الانظمة في الدول الأخرى وذلك باستثناء حالة اللقيط او مجهول الأب وهي حالة لها نص خاص في قانون الجنسية الكويتي وهنا نلاحظ مشكلات يفرضها الواقع العملي وتقع بها المرأة الكويتية في الفرض السابق،وبالتالي تجب حماية حقوقها وكفالتها في بلد القانون والإنسانية،أبرز هذه المشكلات أن التبعية للزوج تضع الزوجة في وضع خطر وقلق فيما يتعلق بحضانة أولادها،فوالدهم الأجنبي يملك السفر بهم وقتما يشاء،وإن كان القانون وضع طرقا ومسالك قانونية لاستردادهم ولكنها تستهلك وقتا وجهدا كثيرا،ودراسة الاطفال ثم دخولهم سلك التوظيف ستخضع لمعايير تمييز بسبب جنسيتهم.
أما من الناحية الاجتماعية فينشأ ابن الكويتية في مجتمع شئنا أم أبينا يفرق بين المواطن والأجنبي في كل المجالات وبالتالي ينظر لابن المواطنة الكويتية نظرة تعد نوعا ما دونية،كما أن شريعتنا السمحاء في مسألة الزواج لم تفاضل بموضوع الوطنية لاختيار الزوج المناسب إنما حدد الاخلاق والكفاءة وعلى رأسها الدين أساسا للاختيار فحق المرأة باختيار شريكها بغض النظر عن جنسيته متاح بالواقع لكنه مقيد بخوف من مستقبل غير مضمون لها ولفلذات كبدها،مما يجعل أبناء المرأة الكويتية غير منتجين مما يفقد الدولة أحد مقوماتها.

ولكن الفكرة ممكنة التطبيق بأن تمنح المرأة الكويتية جنسيتها لأبنائها وفقا لحقها في حضانتهم على سبيل المثال وهي حق مكفول بالقانون وتأتي عادة أحكام الحضانة كاشفة للحق وليست منشئة له وبالتالي فيمكن للأبناء التمتع بالجنسية الكويتية خلال نشأتهم وبعد تمامهم سن الرشد يملكون حق الاختيار بين جنسية أمهم أو أبيهم واستيفاء الإجراءات المعتادة وإن كانت حضانة الأن مؤقتة بطبيعتها فإن حقها في منح الجنسية بشكل مؤقت يمكنها من ممارسة دورها بالحضانة بصورة كاملة ومستقرة.

ومن وجهة نظري فبالرغم من هذا التعديل وضرورته ((وأقصد هنا تجنيس الأبناء وليس الزوج )) إلا أن المشكلة ليست قانونية أبدا فالقانون قابل للتعديل والتغيير ويتمتع  بمرونة لمواجهة التغييرات في التركيبة السكانية والظروف ووضع الدولة ومواقفها إزاء مختلف القضايا،لكن المشكلة الحقيقية هي في مجتمع تربى بطريقة معينة وينظر للأمور من منظور مختلف ففتح الباب للمرأة الكويتية للزواج من أجنبي بضمانها لحقها في تجنيس أبنائها يجعلها تقبل على هذا الزواج وهو أمر غير محمود ولكننا نجد الرجل الكويتي أيضا يريد الزواج بالأجنبية مفضلا إياها على الكويتية وعادة ما يكون زواجه الأول بكويتية لضمان البيت الحكومي وقرض الزواج ونرى القوانين التي شرعت أساسا للحفاظ على الخصائص الحميمية للأسرة الكويتية متحدة الانتماء تلتوي وتنحني وفقا للأهواء الشخصية وأنانية رجل يبيح لنفسه كل شيء ويحرم المرأة من ذات الأمور وامرأة سطحية التفكير لا ترى من الحياة الا مادياتها وتضع توافه الأمور فوق اعتبارات استقرار عائلتها، ولم يعد كل منهم مستعدا لبذل أي جهد للحفاظ على رباطهم المقدس وعلى جانب آخر نرى قبة مجلس الأمة تضم أغلبيتها أعضاءا ذكورا يلقون بهذه القضايا داخل الأدراج كحال الأقلية النسائية التي لم تأت بجديد في العملية التشريعة((البعض وليس الكل))
لننظر لذواتنا ونبحث في دوافعنا وأهدافنا ونعيد النظر في الطرقة التي نرى بها أنفسنا وشركاء حياتنا والآخرين من حولنا،لنصلح ذواتنا حتى نستطيع سن تشريعات صحيحة تحل مشكلاتنا المتزايدة،ولنعد لوقت كان  فيه الزواج رباطا مقدسا فكه يعد ابغض الحلال لنحب هذه الأرض،هذه النعمة أدامها الله لنا،لنعد للمبادئ الإنسانية  التي تخلينا عنها لنعد للتواضع والاخلاق ولنفتح المجال ونمنح مزيدا من الفرص.

بقلم المحامية : دانة الرشيد

الآن: رأي- دانة الرشيد

تعليقات

اكتب تعليقك