عن الدورس المستفادة من محاولة اغتيال الشيخ عائض القرني .. يكتب عبدالعزيز الفضلي
زاوية الكتابكتب مارس 8, 2016, 11:48 م 705 مشاهدات 0
اغتيال عائض القرني
عبدالعزيز الفضلي
لطالما استمعنا إلى ترديد الشيخ عائض القرني في محاضراته وخُطَبِه قول الشاعر:
وإذا العناية لاحظَتْك عيونها... نَمْ فالحوادث كلهن أمان
من يتّق الله يحمد في عواقبه... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
ولعله لم يدُرْ في خلد الشيخ القرني أن يعايش معنى هذه الأبيات واقعا عمليا. فقد تحققت العناية الإلهية للشيخ عائض خلال محاولة الاغتيال التي تعرض لها - قبل أيام - بعد انتهائه من إلقاء محاضرة في الفيليبين، حيث أطلق عليه أحد المسلحين ثلاث رصاصات، أصابته منها اثنتان وأخطأته الثالثة.
ومن لطف الله تعالى وعنايته، أن إصابة الشيخ لم تكن في مقتل، ويُروى أن الجراح الذي أجرى العملية بكى بعد انتهائها، اذ لو أن إحدى الرصاصتين تحركت عن موضعها قليلا، لكان الشيخ في عداد الأموات. فالحمد لله الذي تولى الشيخ القرني بحفظه ورعايته، وليبقى الشيخ ذخرا للأمة بعلمه وعمله ودعوته.
محاولة اغتيال الشيخ عائض، لا بد أن نأخذ منها الدروس والعبر، ولعل منها: الإيمان واليقين بقول الله تعالى «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». وبقول النبي عليه الصلاة والسلام «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
نتعلم أن طريق الدعوة والإصلاح مملوء بالمتاعب والمشاق لكنه لذيذ المذاق، حيث إنه الطريق الذي سلكه الأنبياء والمرسلون، والدعاة إلى الله على طريقهم سائرون ومقتفون، قتل في هذا الطريق أنبياء، وعذّب آخرون، وأصاب الأذى الصحابة والتابعين، لكنهم ظلوا على الطريق صابرين ثابتين، لينالوا إحدى الحسنيين، إما شهادة في سبيل الله تعالى، أو النصر والتمكين.
عُذّب في هذا الطريق الإمام أحمد بن حنبل، ومات عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو في السجن، واغتيل الشيخ حسن البنا، وهناك الكثيرون.
يتعلم الإنسان أن يقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم، ما دام أن الأجل والرزق لا يملكهما إلا الله تعالى. جاء في الحديث: «إن روح القدس (أي جبريل) نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها».
ونُقل عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله:
أيّ يوميّ من الموت أفِرّ... يوم لا يُقدر أم يوم قُدِر
يوم لا يُقدر لا أرهبه... ومن المقدور لا ينجو الحذر
الإقدام لا يُقصّر حياةً، والإحجام لا يطيل عُمراً، ولذلك كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: «اطلبوا الموت تُوهب لكم الحياة».
على المرء ألا يُذل نفسه خوفا على حياة أو رزق، فقد كفلهما الله تعالى للإنسان، قبل أن يخرج من بطن أمه، ورحم الله تعالى الإمام الشافعي القائل:
أنا إن عشت لست أُعدم قوتا... وإذا متّ لست أُعدم قبرا
همّتي همّة الملوك ونفسي... نفس حرٍّ ترى المذلّة كفرا
وإذا قنعت بالقوت عمري... فلماذا أزور زيدا وعمرا
تعليقات