في الكويت قلوب تتألم ولا تتكلم.. يكتب تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 676 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  في الكويت.. 'قلوب لا تتكلم'

د. تركي العازمي

 

نعلم بأن لنا حقوقاً وعلينا واجبات، بعضها «مفروغ منه» وملزم الأداء وبعضها قابل للتفاوض، وبينهما امور متشابهة.

لنترك الجوانب السياسية و«العجز» و«الانتحار الاقتصادي»، ونعرج في هذا المقال على الجانب الإنساني الذي يرسم طبيعة العلاقات الاجتماعية التي من شأنها رفع قيم ومعتقدات المجتمع الكويتي وأعني هنا تحديث المبادئ الثقافية. قد يراها البعض فذلكة أو أي صورة يرسمها من لا يؤمن بأهمية التواصل الاجتماعي المبني على الاحترام.

في قصة الطبيب الجراح عبرة مهنية واجتماعية... تقول القصة ان جراحا دخل المستشفى بعد ان تم استدعاؤه لإجراء عملية جراحية فورية لأحد المرضى، وقبل دخوله غرفة العمليات، واجهه والد المريض وصرخ في وجهه: «لم التأخر؟ ان حياة ابني في خطر... أليس لديك إحساس»؟

فرد عليه الجراح بابتسامة فاترة، قائلا: «أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي وكن على ثقة ان ابنك في رعاية الله»؟

فرد الأب: «ما أبردك... لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ»؟

تركه الطبيب ودخل غرفة العمليات ثم خرج بعد ساعتين على عجل، وقال لوالد المريض: «لقد نجحت العملية والحمد لله وابنك بخير، واعذرني فأنا على موعد آخر».

ولما خرجت الممرضة سألها الأب: «ما بال هذا الطبيب المغرور»؟

فأجابت: «لقد توفي ولده في حادث سيارة، ومع ذلك، فقد لبى الاستدعاء عندما علم بحالة ابنك الحرجة وبعدما أنقذ حياة ولدك كان عليه ان يسرع ليحضر دفن ولده»؟

ماذا نفهم من القصة، إن هناك قلوبا تتألم ولا تتكلم!

هذه القصة المنقولة دفعتني للخروج بعيدا عن المعتاد في عرض بعض القضايا لنساهم في عرض قضية في منتهى الحساسية ولا ينتبه لها أحد وهي، ان في الكويت، ثمة قلوب تتألم ولا تتكلم!

قلوب تأتيها «المذمة»، وهي لم تقم بفعل يستحق الذم؟ وتتألم وهي ساكنة لا تتفوه بكلمة.

قلوب تصيبها نار الغيبة والنميمة ولا تتكلم، وتترك الأمر لله عز شأنه.

هنا اتذكر، قول الكاتب نجيب محفوظ «لا تخبروني عمن يكرهني أو يتكلم عني٬ اتركوني احب الجميع٬ وأظن أن الجميع يحبني»... وطبعا هذا القول مطلوب اتباعه لدواعٍ شرعية واجتماعية، لان أكثر ما يشوه العلاقات الإنسانية ويدمر علاقاتنا الاجتماعية محصور في «التقول على الآخرين» ونسب بعض الأفعال لاحبتنا وهم بعيدون كل البعد عن ما نسب لهم.

أحيانا يواجه البعض بالسؤال: أنت قلت /فعلت/ كتبت كذا وكذا، من باب المكاشفة، وهو سلوك محمود وتقوم انت بتوضيح الأمر، وأحيانا كثيرة نحلل ونصور التوجه ونرسم الانطباع الشخصي عن أفراد لا نعرفهم حتى وان جلسوا على بعد متر واحد منا.

مما تقدم٬ اتمنى من الجميع ان يعوا خطورة نقل الأخبار التي من شأنها إيقاع الضرر بآخرين ممن ينطبق عليهم قول «قلوب تتألم ولا تتكلم»... فرد كان او مجموعة تطولها سهام «الضرب من تحت الحزام» لأهداف دنيئة من بينها مصلحة ضيقة تزول مع وضع مطلقها في حفرة القبر ويبقى ضررها في ميزان أعماله أمام رب عادل.

اتقوا الله في الوطن وأعيدوا الجانب الإنساني المفقود في علاقاتنا الاجتماعية كي نستطيع رسم ثقافة اجتماعية سليمة نتمكن من خلالها بناء وطن... والله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك