إيران لا تفهم الدبلوماسية الناعمة - بقلم علي الطراح

زاوية الكتاب

كتب 706 مشاهدات 0

اقتحام سفارة السعودية

لم يكن مستغرباً أن تدفع السلطات الإيرانية بعض الغوغائيين إلى اقتحام السفارة السعودية وقنصليتها في مشهد متحدية القوانين الدولية، فهذا السلوك يُشكل سمة للنظام الذي سبق أن اقتحم السفارة الأميركية والبريطانية، كما تعرضت سفارة الكويت في طهران لأعمال غوغائية، وهذا يؤكد لنا طبيعة السياسة الإيرانية التي تُدار من قبل الحرس الثوري.

السعودية نفذت مجموعة من الأحكام ضمن القوانين السائدة فيها، والاحتجاج الإيراني على إعدام مواطن سعودي بعينه يمثل تدخلاً سافراً في شؤون سيادية للملكة العربية السعودية، ومن ثم انتهجت إيران التصعيد والتحريض على أمل الدفع بالفوضى في السعودية والإقليم الخليجي مراهنة على الطائفة الشيعية، وهذا إحدى أهم ركائز السياسة الإيرانية التي تقوم على شق الصف بين المسلمين، وإشعال فتن طائفية مقيتة. ردود الفعل الدولية لاقتحام مقر البعثات الدبلوماسية السعودية وضعت إيران في خانة الدول الساعية إلى خلق الاضطرابات التي اعتادتها منذ قيام الثورة.

ما يعنينا بالدرجة الأولى هو توحد الموقف الخليجي حيال التهديد الإيراني الذي يشكل خطراً على استقرار المنطقة. ولا مجال للتردد في اتخاذ المواقف الصارمة والواضحة حيال السجل التاريخي لتدخل إيران في الشؤون الخليجية والعربية لمرات عديدة، وضمن هذا السياق نتذكر التقرير الذي أصدره «معهد واشنطن» حول التدخلات الإيرانية، حيث كتبت «لوري بلوتكين بوجارت» الخبيرة في المعهد ما يشير إلى تعمد إيران اتباع سياسة عدوانية في بعض من دول الخليج العربي مستخدمة سياسة الفتنة المذهبية، فالتقرير استعرض دعم العنف منذ قيام الثورة الإيرانية، وأشار إلى محاولة الانقلاب في البحرين عام 1981 من قبل «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين»، وعودة المحاولة في عام 1996، كما أشار التقرير إلى محاولة اغتيال أمير الكويت في ثمانينيات القرن الماضي وتفجير «أبراج الخبر» عام 1996. وتطرق التقرير إلى شبكات التجسس التي نشرتها إيران في بعض الدول الخليجية، ولعل أحداث «خلية العبدلي» في الكويت عام 2015 تؤكد الدور الإيراني التخريبي والمحرّض على إشعال المنطقة بفتن طائفية. نحن في دول الخليج أمام تحديات غير مسبوقة، ومن ثم سياسة التردد المتبعة من البعض لم تعد مجدية في ظل وضوح المخطط الإيراني الذي يسعى إلى بسط نفوذه خارج حدوده.

دول الخليج قاطبة ليس لها رغبة عدوانية تجاه إيران، وسياساتها دائماً كانت تتجه نحو المصالحة وليس المواجهة، إلا أن استمرار حالة التلكؤ الخليجية يجعل إيران تستغل بعض الثغرات التي آن الأوان لمعالجتها ضمن سياسة تتسم بالجرأة، فالمنطقة الخليجية والعربية تواجه نتائج متراكمة لردود الفعل المتأخرة على سلسلة طويلة من المخاطر التي تواجهها المنطقة، ولعل التدخل الإيراني في اليمن يشكل لنا أهم مثال على رغبة إيران في بسط نفوذها بعد أن تدخلت في سوريا ولبنان، وتحولت إلى رقم ضمن المعادلة العربية.

فمن المهم تغيير الانطباع بأن دول الخليج ضعيفة تعتمد على الحماية الخارجية، فهي دول تملك مقومات القوة إذا حاولت تقريب سياساتها حيال الأخطار المحدقة بالمنطقة، فالأوضاع بعمومها تتجه نحو مزيد من التصعيد، ولا يخفى علينا أن هناك استهدافاً لبعض من دول الخليج بمباركة لبعض من الحلفاء، وهذا ما يدعونا إلى انتهاج سياسة تتسم بالجرأة، وخصوصاً أن شعوب الدول الخليجية تدرك أن نظمها السياسية مصدر الأمن والأمان، وأن إثارة الشغب في أي دولة خليجية له انعكاساته على مجمل الوضع الخليجي.

الآن - جريدة الاتحاد

تعليقات

اكتب تعليقك