داهم القحطاني يكتب - لماذا لم تقطع الكويت علاقاتها مع إيران؟
زاوية الكتابكتب يناير 7, 2016, 2:21 م 1284 مشاهدات 0
هناك من يطرح تساؤلات عدة حول ضرورة قيام الكويت بقطع علاقتها مع إيران تضامنا مع المملكة العربية السعودية كما فعلت البحرين والسودان.
هذا تساؤل مشروع بالطبع على ألا يطرح بصيغة التشكيك في الموقف الكويتي المساند دوما للسعودية.
وللتذكير؛ الكويت اتخذت إجراءات عدة ضد إيران فيما يتعلق بنزاعها مع السعودية فبيان وزارة الخارجية كان واضحا في أن الموقف الكويتي يساند السعودية ويرفض الاعتداءات ضد سفارتها وقنصليتها في إيران, كما أن استدعاء السفير الكويتي في إيران يعتبر موقفا عمليا رافضا لهذه الاعتداءات, والاحتجاج بمذكرة ضد هذه الاعتداءات وتسليمها للسفير الإيراني في الكويت يعتبر إجراء صارما في العرف الدبلوماسي.
وعودة للتساؤل المطروح عن سبب عدم قطع الكويت لعلاقتها الدبلوماسية مع إيران, نذكر هنا أن تقييم موقف الدول إزاء قضية معينة أمر يتعلق بالسياسة لا العواطف, ولهذا الإجابة على هذا التساؤل تتطلب أيضا ممن يسأل فهما أكبر للواقع السياسي في المنطقة ليتفهم دوافع الدول في اتخاذ قرارتها الكبرى.
الآن ما هو موقف الكويت من المملكة العربية السعودية فيما يتعلق في نزاعها مع إيران؟.
الكويت والبحرين هما أكثر الدول مساندة للسعودية في ملفات عديدة من أهمها النزاع مع إيران, فالكويت الآن تشارك بقواتها البرية لتساند الجيش السعودي في مهام عدة من ضمنها تثبيت الشرعية في اليمن, وحماية الحد الجنوبي للسعودية.
والمشاركة الكويتية في عاصفة الحزم كانت منذ البداية حيث شاركت في العمليات الجوية وحين دعت الحاجة لبت الكويت الدعوة السعودية وأرسلت قوات برية إلى جبهات القتال.
ويستذكر كثيرون مقطع الفيديو الذي أنتشر في شبكات التواصل الاجتماعي ويتضمن جنديا كويتيا يخاطب القادة العسكريين في السعودية ويطلب سرعة الذهاب لجبهات القتال نصرة لقوات التحالف العربي وعلى رأسها السعودية, هو مقطع عفوي لكنه يعبر وببساطة وتلقائية عن مدى حماس الكويت حكومة وشعبا للوقوف مع الشقيقة الكبرى السعودية.
ويبرز هنا تساؤل آخر: لماذا لا تقطع الكويت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران طالما وصل النزاع السعودي الإيراني إلى حد الصراع السياسي العلني؟
هنا يجب التذكير بأن إيران ليست راضية عن الموقف الكويتي في مساندة السعودية في قضايا عدة من ضمنها اليمن وأيضا سورية ومع ذلك لم تتردد الكويت في اتخاذ المواقف السياسية والميدانية المؤيدة لدول مجلس التعاون, ولم تتخلف عن أي موقف منها وحتى في قضية مشاركة درع الجزيرة في حماية مملكة البحرين خلال فترة الاضطرابات السياسية فقد شاركت الكويت وبقوة عبر قوات بحرية تولت حماية الحدود البحرية للبحرين, وممن؟ بالتأكيد من إيران لأن التخوفات في تلك الفترة كانت من قيام طهران بعمل عسكري أحمق في البحرين عبر البحر.
وفيما يتعلق بالقضية السورية كان للكويت دور بارز يتعارض مع السياسات الإيرانية, فسياسيا كانت الكويت أول دولة عربية تدين النظام السوري العام 2011 , وسبق بيان الخارجية الكويتية في توقيته بيان دول مجلس التعاون.
كما أن الكويت أيضا كانت أول من أستخدم مصطلح 'آلة القتل' في معرض رفضها لعمليات القتل التي قام بها النظام السوري ضد السوريين, وهو المصطلح الذي انتشر لاحقا في خطابات الدول وبيانات القمم وفي تغطيات وسائل الإعلام العالمي والعربي.
كما قامت الكويت بتنظيم مؤتمرات دولية عدة لمساندة الشعب السوري ماديا لتحمل ويلات الحرب التي أشعلها النظام السوري بمساندة من النظام الإيراني.
بعد كل هذه المواقف الواضحة التي لا تحتمل أي لبس أو غموض يجب وفي المقابل على الآخرين تفهم عدم قيام الكويت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران فالجغرافيا السياسية تحتم على الكويت أن تتوازن في علاقاتها مع الدول المحيطة بها, ومهما قيل عن نوايا إيران العدائية ليس من مصلحة الكويت المبادرة باتخاذ خطوة عدائية مع إيران في ظل العلاقات الجيدة التي تجمع البلدين .
وهذا مرة أخرى، لا يعني التراجع عن دعم الموقف السعودي فالكويت كانت وعلى الدوام مع السعودية قلبا وقالبا, لكن هناك مساحة من التواصل مع الطرف الإيراني بحكم الجغرافيا السياسية, وحتما الحكومة السعودية تتفهم هذه القضية وأجزم بأنها لا تزعجها.
الكويت تاريخيا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية تحاول بأن تنأى بنفسها عن الصراعات الإعلامية لإدراكها أن بعض ما يثار ضدها ناتج عن فهم منقوص للموقف الكويتي لهذا تعالجه بهدوء, وتراهن على أن الأطراف التي تهاجمها ستتفهم لاحقا حقيقة المواقف الكويتية وهو رهان ينجح دوما.
'الجيش الكويتي يحارب مع السعودية في جبهات اليمن, والعلاقات مع إيران متوازنة'...
هذه هي المعادلة الكويتية في الوقت الراهن.
تعليقات