حسن عبدالله عباس: لماذا التشكك من إيران، ومشاكلنا كلها عربية؟
زاوية الكتابكتب يوليو 19, 2007, 8:52 ص 518 مشاهدات 0
فتنة «كيهان»
رئيس تحرير صحيفة «كيهان» الإيرانية السيد حسين شريعتمداري كتب في افتتاحيته بأن
البحرين تعود في ملكيتها إلى إيران، وذكّر بإرثها التاريخي لولا خيانة شاه إيران في
تخليه عن المملكة. واستند شريعتمداري في كلامه إلى وثائق للإشارة إلى هذه الملكية،
ورغم الانتقادات والضجة الصاخبة، إلا أنه عاد وأصر على موقفه في افتتاحيته الثانية
ليوم الأحد الماضي.
أعتقد أن كلام السيد شريعتمداري صدمنا جميعاً، لأننا ظننا بأن باب المطالبات قد سُد
منذ أمد. بغض النظر عما استند إليه من وثائق وما إن كانت صحيحة أم لا، فمصدر الصدمة
أنه هز إحساسنا بالاستقرار وقناعاتنا في شأن كياناتنا القائمة بما فيها الجمهورية
الإسلامية، فهذه الدول أصبحت وبحكم الواقع أنظمة قائمة وحظيت باعترافات دولية
وإقليمية على وجودها ووقعت اتفاقيات حسن جوار تحسباً لادعاءات كهذه. فمن هذا الباب
أرى أن ما قاله السيد شريعتمداري خطأ، وأضف إلى جانبه سببين آخرين:
السبب الأول يعود إلى أن الإيرانيين أحوج ما يكون اليوم إلى دعم ومساندة لمواجهة
الضغوطات الأجنبية بسبب ملفيها النووي وتهمة التدخل في شؤون الآخرين. لذا طرح آراء
من هذا النوع يعني بالتأكيد إذكاء للفتنة وتجديداً لعهد انقضى، وتعشمنا خيراً بأنها
فترة كئيبة ولعينة من حياتنا قد مضت إلى غير رجعة.
أما السبب الثاني فهو اعتراف النظام الرسمي في إيران بهذا الخطأ، والذي أوضحه بشكل
جلي السيد وزير الخارجية منوشهر متكي بزيارته للبحرين ليخمد الشرارة في مهدها.
وبالمناسبة لم يقدم متكي أي اعتذار رسمي لأن الرأي كان آتياً من خارج الدائرة
الرسمية، مما رفع الحرج عن الخارجية الإيرانية. وهذا ما قصدته «الوطن» السعودية في
عددها ليوم السبت الماضي بأن السفارة الإيرانية في المنامة نأت بنفسها عن مقال
شريعتمداري، وهذا ما أكده أيضاً مسؤول الشؤون الاقتصادية في السفارة سيد مصطفى
صادقت، وأعاد تأكيده كذلك مساعد وزير الخارجية محمد رضا باقري الذي أصر بعدم توتير
العلاقات، إلى جانب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية محمد علي الحسيني الذي أكد هو
الآخر على احترام سيادة المملكة.
لكن الشيء المميز في أمر العلاقة مع الإيرانيين أن الصحافة العربية، وخصوصاً
الخليجية تترصد لأي زلة من الطرف الإيراني، حتى تبدأ بتفريغ وفضفضة عقدة الشك
والريبة وانعدام الثقة. ولو تلقي نظرة سريعة على ما كُتب عن الموضوع (سعد الغامدي،
خالد الخالدي، عبدالله الشايجي، أياد أبو شقرا وغيرهم) لرأيتها جميعها تصب في خانة
واحدة، وهو الهاجس المستمر من المد الإيراني!
كُل ما جرى أنه رأي صحافي لم يعكس إلا نفسه، والموقف الرسمي كان واضحاً كما رأينا
في تبديد المخاوف. لكن مع هذا الكم كله من الشك بودي أن أسأل: لماذا دائماً نتشكك
من الإيرانيين، في حين أن مشاكلنا الحقيقية كماً ونوعاً مازالت تأتي من «الأخوة»
العربية؟
الراي
تعليقات