عن التوتر 'الروسي – التركي'.. يكتب عادل الإبراهيم
زاوية الكتابكتب نوفمبر 28, 2015, 11:37 م 844 مشاهدات 0
الأنباء
قضية ورأي - السلطان العثماني والقيصر الروسي
د. عادل إبراهيم الإبراهيم
كان الحدث الابرز على الساحة الدولية في الايام الماضية هو إسقاط تركيا لطائرة عسكرية روسية ومقتل احد الطيارين ونجاة الآخر وما تبع ذلك من تصريحات نارية من الرئيس الروسي باعتبار الحادث «طعنة في الظهر» وما اتخذه من اجراءات حتى الان سياسية كردة فعل اولية تمثلت في تجميد التعاون الاقتصادي والغاء زيارة وزير الخارجية ومطالبة السياح الروس في تركيا بالعودة كما طالب الرئيس الروسي بوتين تركيا بالاعتذار عن الحادث والتهديد باتخاذ اجراءات اخرى، ومن الجانب التركي اتسمت ردة الفعل التركي بالتشدد وان ما حدث هو حماية الاجواء التركية وسيادتها والتهديد باتخاذ الاجراء ذاته في حالة تكرار ذلك مستقبلا وفي الوقت ذاته اتسمت تصريحات الرئيس التركي اردوغان ايضا بالتشدد رافضاً الاعتذار لروسيا عن اسقاط الطائرة بل توج خطابه الناري بمطالبة روسيا بالاعتذار.
ولا شك ان تاريخ العلاقات الروسية مع تركيا منذ اكثر من قرن وفقا للمصادر التاريخية لم تكن على ما يرام حيث كانت تركيا في القرن التاسع عشر تحت مسمى الدولة العثمانية وامتدادها الجغرافي الكبير وتحمل لواء الخلافة الاسلامية ونشبت انذاك حرب القرم بين السلطان العثماني وقيصر روسيا حامل لواء المسيحية الارثوذكسية والطامع في أن يكون لروسيا دور اساسي على الساحة الدولية والتي استمرت ما يقارب ثلاث سنوات وانتهت هذه الحرب بهزيمة قاسية لروسيا القيصرية على يد العثمانيين وحلفائهم وأبرزهم فرنسا وبريطانيا وانتهت باتفاقية باريس ١٨٥٦وخلال الحرب عرضت فرنسا التوسط لانهاء الخلاف الا ان القيصر الروسي رفض وقال كلمته المشهورة (ان يد السلطان علي خدي).
والآن ما بين الطعنة في الظهر التي قالها الرئيس الروسي تجاه الرئيس التركي وكلمة قيصر روسيا يد السلطان على خدي التي يقصد بها السلطان العثماني يعيد التاريخ نفسه فها هي روسيا التي فرضت عليها حالة من العقوبات الاقتصادية وتحرشات أميركية وأوروبية بها ولعل اهمها الحرب المستمرة في اوكرانيا ومحاولات عزلها عن السياسة الدولية نراها فجأة على الساحة الدولية تتصدر الاخبار وتحشد جيوشها وقدراتها العسكرية الضاربة في سورية بحجة مواجهة الارهاب كأنها اصبحت شرطي العالم امام ضعف السياسة الأميركية والأوروبية حيال الاحداث العالمية.
وما اشبه احداث الماضي بما يحصل الان حيث كانت الدولة العثمانية وفرنسا وبريطانيا حلفاء في مواجهة روسيا القيصرية وفقا لمعاهدة استانبول عام ١٨٥٤ ودخلت فرنسا وبريطانيا الحرب ضد روسيا جنبا الى جنب مع الدولة العثمانية والان تركيا عضو في حلف الناتو الذي يضم العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها أميركا بريطانيا وفرنسا، تلك الدول التي وقفت مع الدعوة التركية لمناقشة اختراق روسيا بطائراتها العسكرية السيادة التركية وكانها تستنجد بالحلفاء امام ما قد يحصل في القادم من الايام وخاصة مع التجاذب والتراشق بالتصريحات التي تحمل في طياتها عوامل سلبية تتعلق بالرد الروسي على اسقاط الطائرة العسكرية والاتهامات المتبادلة واخطرها اتهام تركيا بالتعاون مع ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية الذي يقف العالم باجمعه في مواجهته بمختلف انواع الاسلحة منذ فترة وما زال يقاوم مما ولد شعورا بان هناك من يدعم ذلك التنظيم، وان من يقصف هم الابرياء والمعارضة السورية، من هنا فان الوضع سيكون ضبابيا لحين تلبية طلب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بلقاء الرئيس الروسي على هامش قمة المناخ التي ستعقد في باريس الاسبوع القادم.
وإلى ذلك اللقاء الذي يترقبه العالم وياخذ الاضواء من اجندة القمة وسيضع التوتر الحالي بين الدولتين اما التوافق او إلى المزيد من التصعيد وخاصة ان روسيا مازالت تطلب اعتذارا تركيا مقابل تشبث الاتراك بمطالبهم باعتذار روسيا فهل يلبي الرئيس الروسي الدعوة التركية ام يرفضها فلننتظر ونر.
تعليقات