مناور الراجحي يكتب - هل يغرق الشرق الأوسط؟!

زاوية الكتاب

كتب 546 مشاهدات 0

ارشيف

بدايةً أنا هنا لا أتحدث عن تكهنات أو توقعات؛ بل أتكلم عن محاولة قراءة وتحليل لما يحدث على أرض الواقع، والمعطيات الكثيرة التي تظهر يوماً بعد يوم، والأحداث المتوالية التي تشعر بالقلق إزاء ما يحدث في المنطقة، خاصةً مع تغير المواقف الدولية، والبدء عن مرحلة جديدة في العلاقات مع دول الشرق الأوسط.

ثورات الخريف!

بدايةً يمكننا تناول ما يسمى «بالربيع العربي» - مع اعتراضي على الاسم، لأننا كثيراً ما ننخدع بالمظاهر والألقاب البراقة التي يداعبنا بها الغرب - ويمكننا أن نسميها بثورات الشتاء نظراً لأنها بدأت في الشتاء، فهذه الثورات - مع احترامي وتقديري لنبل أهدافها ومقاصدها- لم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن في جميع البلدان العربية التي انطلقت فيها، فليبيا مازال القتال فيها قائماً، واليمن يحاول علي عبد الله صالح العودة إلى السلطة، وسورية أصبحت أنقاض وطن بعد أن تركها أهلها إلى كل بلاد الأرض بحثاً عن ملاذٍ آمن - فاللهم ارحمهم وفرج كربهم - وفي تونس قد تبدو الأمور أحسن حالاً؛ لكن مع الأسف فكلما تقدمنا خطوة تراجعنا خطوات بسبب العديد من العمليات والهجمات التي من شأنها إضعاف قوة التقدم التونسي، ولبنان تقترب مرة ثانية من مخاطر الفتنة، والعراق الغريق لا يقدر على الاستفاقة، ومصر يعود الجيش الى سدة الحكم - وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف فى طريقة العودة - لكن توجد العديد من الثغرات الأمنية والحرب المفتوحة مع الجماعات الارهابية المسلحة بشبه جزيرة سيناء، فى النهاية لن نجد إلا منطقة الخليج العربي، والتي تتمتع بالاستقرار النسبي للعديد من التوازنات الدولية، كما ذكرت في مقالتي السابقة، ولكن هذا الاستقرار مهدد هو الآخر كما سأوضح بعد قليل.

القوى العسكرية: على جانب القوة العسكرية يمكننا قراءة الوضع بكل وضوح يبقى الجيش المصري بجانب جيوش الخليج العربي، مع تفكك معظم القوى العسكرية في المنطقة وسقوطها خلال الفترات المتتالية، وبالتالي فالقوى العسكرية بالشرق الأوسط أصبحت في حاجة إلى المساندة والدعم، ناهيك عن تبعيتها للقوى العظمى في المدد بأسلحة في ظل عدم امتلاكها للأسلحة الاستراتيجية أو أسلحة ردع، تجعلها قوة يحسب لها الحسبان على المستوى العالمي.

تراجع النفط!

على الجانب الاقتصادي يبدو الأمر غريباً حين نشاهد التراجع الكبير وغير المبرر لأسعار النفط في العالم، وهو ما يهدد اقتصاديات دول الخليج، التي تعتمد بشكل أساسى على موارده، وفي الوقت نفسه نجد تحولاً في الموقف الأميركي، وبداية فتح باب التعاون والتصالح المعلن مع الجانب الإيراني، وأقول المعلن لأن ليس كل عداء تظهره الدول يكون حقيقياً، فلقد عودتنا السياسة أن ما يحدث تحت الطاولة أكثر بكثير مما يعلوها، وهو ما يثير القلق حول الدور الإيراني المتنامي في المنطقة والتدخل السافر والمعلن في تحديد مصير العديد من دول المنطقة، والأخطر هو التصريحات المتوالية للجانب الروسي عن بداية تفهم الجانب الأميركي للدور الروسي الإيراني في سورية، ومن ثم فبطبيعة الحال قريباً ستتفهم أميركا وستوافق على هذا الدور في المنطقة بشكل عام.

السيناريوهات:

وبجمع أجزاء لوحة البازل يمكن الوصول الى أحد السيناريوهات التالية، الأول هو إعادة توزيع الأدوار بمنطقة الشرق الأوسط وأن يصبح الطرف الإيراني لاعباً أساسياً وحليفاً استراتيجياً بديلاً عن العديد من الدول. والسيناريو الثاني هو أن تصبح دول المنطقة «كالرجل المريض» ونعود من جديد إلى مربع وضع الخلافة العثمانية وتقسيمها بين الدول العظمى، كلٌ على حسب تفضيلاته وأطماعه ومصالحه، وهنا سنكون أمام «سايكس- بيكو» جديد، قد يترتب عليه سقوط العديد من الدول، وإقامة دول أخرى، أو على الأقل سقوط العديد من الأنظمة وإحلالها بأخرى لإضفاء شرعية وشكل التغيير الداخلي على مسألة التقسيم. والسيناريو الثالث هو زيادة الثغرات والفجوات بدول المنطقة - خاصةً الصنيعة المخابراتية المسماة بـ«داعش»- والدخول العسكري المباشر إلى دول المنطقة بحجة محاربة العالم للإرهاب، ومن ثم تدفع دول المنطقة ضريبة وتكلفة الحرب التى تشنها القوى العالمية على أراضيها.

الخيارات:

وحتى لا تبدو الصورة سوداوية وقاتمة يمكنني وضع الخيارات المتاحة لدول المنطقة بصفة عامة، ودول الخليج بصفة خاصة لمواجهات السيناريوهات المتوقعة لسقوط وتفكيك وإعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد، الخيار الأول هو التحالف الاستراتيجي والعسكرd بين السعودية ودول الخليج مع تركيا وباكستان كقوى تستطيع إيجاد عنصر القوة الرادعة والموجبة لاحترام القوى العظمى -لأنهم لا يحترمون إلا القوي- ولا يفهمون سوى معايير القوة وقوانين الغاب. الخيار الثاني هو إقامة تحالف استراتيجي مع دول الاتحاد الأوروبي، وهو أمر وإن كنت أراه بعيداً وغير مفيد، لكنه يبقى أحد الخيارات القليلة المتبقية، أما الخيار الثالث فسأتركه لك عزيزى القارئ للمشاركة معي في هذه القضية المهمة التي تخص مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وبلداننا، في المحاولة العالمية الجديدة لإعادة تقسيم ورسم خريطة الشرق الأوسط، أو فلنقل بوضوح الخطة الاستعمارية الجديدة.

أرجوحة أخيرة:

حاولت الاختصار قدر استطاعتي أخي القارئ في قضية تحتاج إلى العديد من الصفحات للتحليل؛ ولكن ما يهمني هو أن ندرك خطورة الموقف، وأن نتحرك معاً، وأتمنى أن تصلني خياراتكم وآراؤكم حول أساليب المواجهة قبل أن يأتي الطوفان ونغرق جميعاً مع الشرق الأوسط.

الآن - الراي

تعليقات

اكتب تعليقك