'مزمنة'.. ناصر المطيري واصفاً أزمة الثقة بين دول خليجية وإيران

زاوية الكتاب

كتب 404 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  المحددات التاريخية والدينية للسلوك الإيراني في الخليج

ناصر المطيري

 

ليست المرة الأولى التي يقوم وزير خارجية ايراني بجولة مكوكية خليجية تهدف إلى طمأنة الجيران الخليجيين لسياسة طهران تجاههم ومحاولات تبرير بعض المواقف التي تثير هواجس وشكوكا خليجية تجاه الضفة الشرقية من الخليج ، وان أزمة بعض دول مجلس التعاون الخليجي مع ايران هي في حقيقتها أزمة ثقة مزمنة كلما حاولت ايران ترميمها نقضتها بعض المواقف والسياسات والتصريحات التي تستفز الجانب الخليجي فتتلاطم أمواج الخليج بتوترات وأزمات متتالية.
إن تأصيل اشكالية العلاقة بين دول الجوار الاقليمي يعود في أساسه لصراع حضاري وديني بين العرب الفرس والإرث التاريخي من التنافس وصراع النفوذ والمصالح .
ولو تتبعنا تاريخيا السلوك السياسي للدولة الفارسية تجاه محيطها الإقليمي لوجدنا أن ذلك السلوك يحكمه عاملان أولهما تصور التفوق الحضاري والقومي وثانيهما النزوع إلى التمدد الامبراطوري لحضارة فارس، وإن هذين العاملين كان لهما تأثيرهما العميق وبعيد المدى على العلاقات العربية - الإيرانية الحديثة، خاصة في مرحلة ما بعد استقلال الدول العربية وحضورها ككيانات مستقلة في الفضاء الإقليمي الشرق أوسطي.
لذلك يرتكز القرار السياسي في طهران على عنصر القومية الفارسية والاعتزاز بها، وعنصر المصلحة التي تبقى هي العامل الرئيس الحاكم لصنع القرار ، وكذلك البعد الديني، وفي إطار تلك المرتكزات يمكن أن نلمح وجود نوع من التنسيق بين الولايات المتحدة وإيران حيال «داعش»، كما أن تلك المرتكزات ستدفع على الدوام بالنظام الإيراني إلى تحقيق مزيد من النفوذ في المنطقة الذي يكفل بدوره استمرارية هذا النظام، وحمايته من التعرّض للمخاطر ، ولعل أوضح شاهد لذلك النفوذ الإيراني المهيمن على العراق بمباركة أميركية .
إذن وحده هو العبء المذهبي الذي يصنع العوامل الحاكمة للسياسة الإيرانية تجاه دول الخليج و العالم العربي وهو الذي يجعل إيران  من أكثر الدول إثارة للجدل في منطقة الشرق الأوسط، نظرا للتصور الموجود حول تأثيرها. يرتبط هذا التأثير بعاملين أساسيين، ألا وهما الجغرافيا السياسية والدين.  
بناء على ذلك وبغض النظر عن نتائج الاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية الكبرى فتبقى الهيمنة المستندة إلى الجغرافيا السياسية ومن بعدها المذهب، العامل الأكثر تأثيرا في تشكيل سياسة إيران تجاه الخليجيين والعرب .
وفي  دراسة أعدها مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، أشرف محمد كشك تحت عنوان «استعادة التوازن: المفاوضات النووية وإمكانية تحقيق انفراج عربي - إيراني» يقول : إن السياسات الإيرانية الإقليمية تثير الكثير من الجدل في الأوساط العربية، ليس فقط بين الباحثين والأكاديميين، ولكن بين متخذي القرار، ذلك الجدل الذي يلتقي عند تساؤل مؤداه: هل تعد إيران - وفقا للمنظور الجغرافي - رصيدًا يتعيّن حسن استغلاله للنظام الإقليمي العربي، أم أنها - من منظور سياسات الهيمنة والتدخل في شؤون الجوار - تحدٍ يتعين مواجهته؟
 ويخلص الكاتب إلى القول بوجوب أن «يكون هناك وجود خليجي وعربي في مناطق الجوار الإقليمي التي تشهد تمددًا إيرانياً لمحاولة انتزاع بعض أو كل تلك الأوراق، خاصة في الدول التي تشهد حالة مزمنة من عدم الاستقرار».
المعضلة الخليجية مع ايران اليوم والتي تعزز التفوق الإيراني في المنطقة تكمن -برأينا- في السياسات المنفردة لدول مجلس التعاون مع ايران، حيث لاتوجد سياسة واستراتيجية لمنظومة خليجية موحدة في التعامل مع ايران ، فكل ماهو قائم علاقات ثنائية بين ايران وكل دولة خليجية على حدة لذلك نجد تبايناً في الرؤى والسياسات الخليجية تجاه ايران ، هذا التباين يعطي الايرانيين هامشاً من المناورة الدبلوماسية باستغلال المساحات الفارغة في الملعب الخليجي.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك