عن السعادة الإيرانية المحزنة!.. يكتب محمد الشيباني
زاوية الكتابكتب يوليو 25, 2015, 1:16 ص 452 مشاهدات 0
القبس
السعادة المحزنة..!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
فرح الإيرانيون بموافقة دول «5 + 1» على النووي الإيراني، وعدوا ذلك من الإنجازات الكبرى والنصر المبين المؤزر، وعلى ذلك سارع مرشدهم بعد ذلك في خطاب جماهيري حاشد في بيان للأمة الإيرانية ومن يتبعها في دولنا الخليجية والعربية والعالم، بتبرير ذلك، أي: إننا لا ننساق لأميركا ولا دول الغرب، ولا نطلب منهم عزنا ولا كرامتنا، وقد أخذنا حقنا رغماً عنهم، وتحدى في خطابه تلك الدول وفوقها أميركا!
لن أناقش هنا خطاب مرشدهم ولا موافقة الدول هذه على النووي الإيراني ولا بنود الاتفاقية وحيثياتها، ولكني سأناقش ما بعد التطبيق لهذه البنود من قبل إيران هذا جانب. أما الآخر، فهو فتح السفارات الغربية وأميركا هناك وتبادل الوفود المتنوعة سياسية، (تجارية) اقتصادية، علمية، ثقافية، سياحية وغيرها، وما لهذه الوفود من غايات لن يقدر على فهمها الساسة الإيرانيون إلا حين الوقوع في شراكها، وقد فهمها الشباب الإيرانيون المنفتحون عندما خرجوا إلى الشوارع فرحين بالموافقة الدولية على النووي، لأنهم علموا أن المخرج من الحصار الدولي والفخ الغربي والأميركي لكل شيء سيحوّل الدولة الدينية رغما عنها عاجلاً أم آجلاً، ويرون أن تجربة الاتحاد السوفيتي ماثلة أمامهم، فقد تحوّل هذا الاتحاد من الشيوعية المكروهة والمنبوذة في أهلها قبل غيرهم إلى دولة غربية بكل ما تعني هذه الكلمة. فالناس هناك في (روسيا) فرحوا لدخول الأمركة عليهم بكل خيلها وخيلائها وسعدوا بدخول المكدونالدز والومبي والبيبسي والكوكا كولا والأفلام والملابس الأميركية وغيرها، فروسيا اليوم غير الأمس القريب، بل وتفكك الاتحاد السوفيتي ورجعت دوله (وسط آسيا) إلى سابق عهدها قبل هلاك شعوبها وقهره على يد من أسس هذا الاتحاد.
والمثال الآخر الذي يراه الشاب هناك وهو مطلع وواع ومثقف، كيف دخلت الأمركة إلى الصين، وكيف كان اشتياق الصينيين إليها أيما اشتياق، حيث رصت البشر هناك في طوابير بالآلاف على مطاعم المكدونالدز والومبي عندما افتتحت، وكيف كان اشتياقهم للبيبسي والكوكا كولا اللذين كانوا يسمعون عنهما. أما اليوم، فالصين كما رأيت بأم عيني من حيث عملي هناك في التجارة لسنوات كيف تخلى جيل الشباب عن تلك المبادئ الماوية، بل لا يعرفون عنها شيئاً، وكيف تحوّل هذا المجتمع من المحافظة على تلك التعاليم إلى مجتمع شبيه بالمجتمعات الغربية، فترى الصين ظاهرها ماوية وباطنها أميركية غربية.
هذا ما خططت له أميركا ودول الغرب على المدى البعيد، وعرف سره شباب إيران، ففرحوا به، لأن به خلاصهم، وسترى في المستقبل القريب رفضاً ظاهراً واضحاً أكثر مما تراه اليوم!
أما رجال الحكومة الإيرانية، فقد صار طلب الموافقة على النووي ببنوده عندهم كالموسي فلا هو نازل ولا هو خارج، حيث أصبحت هذه الموافقة أحد الشرين على المدى البعيد، ولكن لابد منه للخروج من الحصار القاتل، فقدموا أهون الشرين في الحاضر! والله المستعان.
تعليقات