أضعنا الفرصة التاريخية القصيرة المتاحة أمامنا لتأمين سلامة حاضرنا المعاش وضمان مستقبلنا الآتي، وكأننا جميعاً قد استسلمنا إلى فكرة أن الكويت«دولة موقتة..أحمد الديين
زاوية الكتابكتب نوفمبر 4, 2008, منتصف الليل 594 مشاهدات 0
هل الكويت دولة موقتة؟!
كتب أحمد الديين
بناءً على قرار شخصي اتخذته منذ أشهر بالاكتفاء فقط بما أكتبه وتنشره «عالم اليوم» وتجنّب أشكال الظهور الإعلامي الأخرى في الوقت الحاضر، فقد اعتذرت قبل أيام عن عدم تلبية دعوة كريمة للمشاركة في حلقة الليلة البارحة من البرنامج التلفزيوني «مانشيت» الذي يقدمه الزميل العزيز محمد الوشيحي على تلفزيون «الراي»، وكان موضوعه «هل الكويت... دولة موقتة؟»... ولكن اعتذاري عن عدم المشاركة لم يبعد عن ذهني السؤال الخطير الذي يطرحه البرنامج «هل الكويت... دولة موقتة؟» لما يثيره هذا السؤال من قلق مشروع في النفوس حول مستقبل الدولة الكويتية جراء مسارها المرتبك ومسيرتها المتعثرة، وإزاء ما تواجهه الكويت من تحديات كبرى يبدو أننا غافلون عنها.
صحيح أنّ أعمار الأوطان وحياة المجتمعات لا تقاس بأعمار الناس، ولكن ما شهدته الكويت من تغيرات متسارعة وتحولات كبرى وأحداث جسام خلال العمر المحدود لجيلنا والجيل الذي سبقنا يجعلنا أشد تحسساً في مواجهة سؤال كهذا... فقد انتقلت الكويت في حياة جيلنا والجيل السابق لنا من إمارة عشائرية إلى دولة دستورية، كما انتقلت الكويت في العقود السبعة الأخيرة من كونها ميناء يعتمد على الملاحة والتجارة والغوص على اللؤلؤ والمسابلة مع البادية لتتحول إلى دولة مصدّرة للنفط تعتمد بشكل شبه أحادي على إيراداته، ومع هذه النقلات الكبرى حدثت تبدلات في حياة الكويتيين وأسلوب معيشتهم وأعمالهم ومناشطهم الاقتصادية وقيمهم الاجتماعية وتكوينهم النفسي وتركيبتهم السكانية... وغير هذا فقد تعرضت الكويت في حياة الأجيال الحاضرة إلى أزمات كبرى هددت كيانها ووجودها بدءاً من أزمة قاسم في الأيام الأولى للاستقلال، مروراً بالحرب العراقية الإيرانية، التي أصابنا من شظاياها ما أصابنا واضطررنا إلى سداد بعض فواتيرها، وصولاً إلى كارثة الغزو الاحتلال، وما عاناه الكويتيون خلالها من آلام المحنة بين لاجئين خارج الوطن وصامدين داخله يقاسون الأمرين... وما رافق ذلك وأعقبه من حروب عصفت بالمنطقة!
وفي الوقت نفسه فقد شهدت الأجيال الحاضرة من الكويتيين كيف تمّ التراجع أكثر من مرة عن مشروع بناء الدولة الكويتية الدستورية الحديثة؟... وشهدنا كيف حدث التراجع تلو التراجع في مسار الاقتصاد والتعليم والخدمات والمؤشرات العامة لها قياساً بما يفترض أن تكون عليه الحال، وقياساً بما هي عليه في بلدان أخرى في منطقتنا كنا قد سبقناها وإذا بها تتخطانا، ويكفينا بين هذه المؤشرات موقع الكويت المؤسف ضمن مؤشر الدول الفاشلة، وموقع الكويت المتأخر ضمن مؤشر مدركات الفساد العالمي؟!
وقد شهدنا بأم أعيننا كيف تمّ تبديد الفوائض المالية المتأتية من ارتفاع أسعار النفط في تثمين العقارات، ومضاربات سوق المناخ والبورصة وتسهيلاتها المصرفية، والإتاوات المقدمة إلى الدول الكبرى عبر مشتريات السلاح المكدّس من دون استخدامه وقت الشدة؟
وشهدت أجيالنا الحاضرة عدم إقرار مجلس الأمة لأي مشروع قانون للخطط الخمسية للتنمية باستثناء قانون يتيم لخطة خمسية وحيدة لم يتم تطبيقها بعدما تمّ إقرارها... وشهدنا نتائج السير المتعثر من دون هدى، وعواقب التخبط المتواصل في غياب المشروع التنموي، ومخاطر سوء إدارة شؤون الدولة من دون تدبّر أو حسن تدبير، ومن دون رؤية إستراتيجية ومنظور مستقبلي!
إزاء هذا كله، من الطبيعي أن نقلق عندما ندرك أننا دولة تعتمد في وجودها اليوم على مصدر وحيد وناضب ومتذبذب الأسعار ارتفاعاً وانخفاضا، ولابد أن نخشى على مستقبل أجيالنا المقبلة من أحفادنا وأبنائنا الذين تبلغ نسبة مَنْ هم دون الخامسة والعشرين بينهم نحو ستين في المئة من مجموع الكويتيين... ومن الضروري أن يعترينا الخوف وترعبنا الصورة عندما نعلم أنّه إذا استمرت نسب الزيادة الحالية لأعداد الوافدين على ما هي عليه فإن نسبتنا كمواطنين إلى إجمالي السكان في وطننا الكويت في العام 2030 ستقل عن العشرة في المئة!
هذا كله لابد أن يثير في نفوسنا القلق المشروع، ويبعث فيها الخشية والتوجس تجاه مستقبل بلادنا، بل تجاه وجودها، الذي نريده بالتأكيد أبدياً خالداً، ولكننا كما يبدو نضيّع أو لعلّنا أضعنا الفرصة التاريخية القصيرة المتاحة أمامنا لتأمين سلامة حاضرنا المعاش وضمان مستقبلنا الآتي، وكأننا جميعاً قد استسلمنا إلى فكرة أن الكويت«دولة موقتة»!.
تعليقات