(تحديث) الصحف اليومية تمتنع عن نشر مقال (عزمي عبدالفتاح) أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت

محليات وبرلمان

((الآن)) تنشر نص المقالة

3485 مشاهدات 0


حصلت على مقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت د. عزمي عبدالفتاح الذي أرسل الى بعض الصحف اليومية بالأمس، لكن المقال لم يرى طريقه للنور بأي من صحف اليوم،
وأدناه نص المقال حرفيا:

 

-حكم المحكمة الدستورية هو حكم منعدم لا يترتب عليه أية آثار الحكم الصادر لا يتطلب صدور حكم جديد ببطلانه لأنه حكم هو والعدم سواء.- حالة الانعدام تحققت بعدم حلف اليمين ولا إصدار مرسوم تعيين.
- يمكن حسم هذه الأمور من خلال تصحيح شكل المحكمة الدستورية
انشغل الرأي العام والباحثون القانونيون خلال الأيام الماضية بقضية قانونية بحتة وهي مدى صحة الحكم الصادر من المحكمة الدستورية بإبطال عضوية عضوين لمجلس الأمة وإحلال عضوين آخرين محلهما في حساب الأصوات.
وقد نعى جانب من فقهاء القانون على هذا الحكم أنه حكم منعدم لأن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم لم يحلف اليمين القانونية ولم يصدر مرسوم أميري بتعيينها ، بينما رأى جانب آخر أن الحكم وإن كان باطلا فإنه لا يصل إلى حد الانعدام، ومن ثم يظل مرتبا لآثاره حتى يقضي هذه الحكمة وفقا للتشكيل الغير صحيح تكون مجردة من الأثر لأن الاعتبارات العملية وتحقيق مراكز قانونية من هذه الأحكام ونشرها بالجريدة الرسمية وقوة أحكامها كقانون لا يجوز معه القول بإهدار أحكامها السابقة حتى لا يحدث مساس بالحقوق المكتسبة التي قد تزول بأثر رجعي وعدم الرجعية هو مبدأ دستوري ومن ثم فكافة الأحكام السابقة والتي لم يطعن فيها تظل قائمة ومنتجة لآثارها.
تبقى مسالة اثار الحكم المنعدم والاختصاص بنظر الدعوى التي تقدم الانعدام وفيما يتعلق بمسالة اثار الحكم المنعدم فانه يوجد اتجاهات في هذا الصدد يرى الاتجاه الاول ان الحكم المنعدم هو والعدم سواء وانه ليس حكما على الاطلاق ومن ثم يمكن لصاحب الشان ان يتصرف على اساس عدم وجود الحكم لانه حكم لا حجية له اصلا وليس له أي من خصائص العمل القضائي ومن ثم لا يتطلب الامر صدور حكم يقرر البطلان ويدعم هذا الاتجاه ويؤيده ان قضاء النقض في مصر وفرنسا والكويت يجري على ان بعض اثار الاجراء الذي يعتبر كانما لم يكن ينعدم دون الحاجة لصدور حكم يقضي بذلك فاذا لم ترفع دعوى صحة الحجز التحفظي او حجز بالمدين لمدى الغير خلال 8 ايام من توقيع الحجز الموقع بامر قاضي الامور الوقتية يعتبر الحجز كان لم يكن ويسترد المحجوز عليه حريته في التصرف دون حاجة لصدور حكم.
ويرى الاتجاه الثاني انه يتعين اصدار حكم يقرر الانعدام والمشكلة انه اذا كان الحكم منعدما وكان هناك طريقة للطعن فيه فانه رفع الطعن في موعده وتذكر اسباب الانعدام كاسباب الغاء الحكم اثناء نظر الطعن ولكن اذا كان الحكم صادرا من محكمة لا يجوز الطعن في احكامها فان الامر يتوقف على وجود نص يقرر الانعدام او عدم وجوده فاذا وجد النص يتعين اعماله ويجب في هذه الحالة رفع دعوى اصلية لتقرير الانعدام امام المحكمة التي حددها القانون ومن تطبيقات ذلك ان القانون الكويتي يجيز رفع دعوى اصلية ببطلان الحكم الصادر من محكمة التمييز اذا توافر في احد القضاة سبب من اسباب عدم الصلاحية الواردة في المادة 102 من قانون المرافعات ونص القانون على ان محكمة التمييز ذاتها هي التي تختص بنظر هذه الدعوى .
واذا كان الامر لا يثير اشكالا بالنسبة لمحكمة التمييز ويجوز رفع دعوى اصلية في الحالة التي حددها القانون فان الامر يترك للمحكمة الدستورية العليا حيث لا يجوز نص يقضي باختصاصها بنظر دعاوي البطلان التي توجه ضد احكامها ومن ثم يمكن لهذه المحكمة ان تقضي بعدم الاختصاص دون احالة اذا رفعت امامها مثل هذه الدعوى.
ولما كان الحكم المنعدم ليس حكما اصلا فانه لايمكن ان يظل قائما ومنتجا لاثاره رغم انعدامه لان ذلك يتنافى مع كافة القواعد القانونية المجمع عليه لذلك لا حل في هذه الحالة الا برفع دعوى مبتدئة امام المحكمة الكلية لتقرير الانعدام.
وفي اعتقادنا ان الراي الاول هو الراجح لان القول في وجود حكم منعدم وانتاج اثاره رغم ذلك يخالف المبادئ الدستورية والقانونية فلا يجوز اعطاء اثار الاحكام لما لا يعد حكما اصلا.
وحتى يمكن حسم هذه الامور فان نقطة البداية هو تصحيح تشكيل المحكمة الدستورية دفعا لاي طعن في ولاية قضاتها او احدهم وهذا التصحيح لا يعني ان كل الاحكام التي صدرت واذا صدر الحكم في حقوق لم تفقد اساسا كما لوجود حكم ضد شخص اقيمت الدعوى بعد وفاته، او بعد اشهار افلاس شخص اعتباري فان هذه المسالة كانت محل خلاف في الفقه فقد كان القضاء يقرر انعدام الحكم ثم صدر الحكم من محكمة النقض الفرنسية في 16/11/1954 الدائرة المدنية ولما صدر قانون المرافعات الفرنسي الجديد اصبح السائد فقها في تقرير الانعدام ، وانظر في تقريرالانعدام في هذه الحالة القانوني المدني الفرنسي في 19/7/1950 وتعليق رينو عليه في المجلة الفصلية للقانون المدني 1951 صفحة 125.
ويتضح من العرض السابق ان الاعمال القانونية الصحيحة في الجدل المثار وحسبما نشر في الصحف هو انه هناك اراء قانونية طرحت وهي اراء غير صحيحة يتعين استبعادها وهي اولا: انه لا صحة للقول بان حكم المحكمة الدستورية هو حكم له حجية وذات وانه لايجوز الطعن عليه بدعوى البطلان الاصلية وذلك لانه من الصحيح ان الطعن غير جائز ولكن دعوى البطلان الاصلية هي دعوى مبتدئة وليس طريقا من الطعن.
وقد قيل ثانيا ان حكم المحكمة الدستورية له حجية وواجب النفاذ حتى لو كان منعدما وهو قول غير صحيح قانونا لان الحكم الباطل له حجية الى ان يقضى ببطلانه اما الحكم المنعدم فلا حجية له على الاطلاق.
وقد قيل ثالثا: ان وجود عيب في احد السادة المستشارين يغطي بصدور الحكم وهذا الراي يخلط بين عيوب التشكيل وبين جوهر الخلاف وهو عدم اهلية احد القضاة لمباشرة القضاء لتخلف الاجراءات اللازمة لمباشرة وظيفته فعيوب تشكيل تغطى بصدور الحكم ( انظر مؤلفنا الوسيط في قانون المرافعات الكويتي والمراجع الفرنسية المشار اليها) وذلك حتى لا يضار المحكوم له من خطا لا ذنب له فيه.
والمسالة المثارة لا تتعلق بتشكيل المحكمة مثل عدد القضاة ومدى وجود صلة قرابة بينهم... الخ ولكنها تتعلق باشتراك قاضي باصدار الحكم لم يحلف اليمين ولم يصدر مرسوم بتعيينه وكان يمكن ان تغطى مسالة عدم سلامة اجراءات التعيين لو كان القاضي حلف اليمين بالصيغة المقررة لحلف قضاة المحكمة الدستورية وطالما لم يحدث ذلك فان حالة الانعدام التي لا خلاف عليها قد تحققت طالما لم يحدث حلف يمين ولم يصدر مرسوم التعيين.
وجدير بالذكر ان قضاء التمييز الكويتي يرى ان عيوب التشكيل تؤدي الى انعدام الحكم والصحيح في اعتقادنا انها تؤدي الى الانعدام .
وتستخدم فكرة الانعدام ايضا في مجال المرافعات المدنية وهي تستخدم بالنسبة للمدفوعين الاول هو انعدام العمل الاجرائي ) acto de pcocedure) وهو العمل الذي يقوم به اعوان القضاء كالخبراء والكتبة ومندوبين الاعلان كما تثور فكرة الانعدام بالنسبة للعمل القضائي ( acto jucidictionne ) والحكم هو النموذج التقليدي للعمل القضائي.
ويكون العمل الاجرائي منعدما اذا تخلف عنصر من العناصر الاساسية للعمل كما لو قام بالاعلان من ليس مندوب اعلان اصلا او صدر تقرير فني من شخص لم يحلف اليمين قبل تعيينه.
ويكون العمل القضائي – أي الحكم – وهو موضوع الجدل القائم منعدما أي غير موجود ( inexitance ) اذا صدر الحكم من شخص ليس له ولاية القضاء أي لا يكون مخولا لمباشرة وظيفة القاضي او اذا شاب الحكم عدم شرعية جوهرية تؤدي الى عدم تكونه اصلا واذا كان الحكم منعدما فلا يتصور المطالبة ببطلانه لان الحكم لم يتكون اصلا وفي هذه الحالة لا يمكن الحديث عن البطلان واذا فقط عن الانعدام.
والقاعدة هي ان الوسيلة الوحيدة لالغاء الحكم القضائي هي الطعن فيه بطريق الطعن المقررة قانونا لذلك فالسائد قانونا هو عدم جواز رفع دعوى اصلية ضد الاحكام واعمال هذه القاعدة يكون عند وجود طريق للطعن يقرر قانونا ولكن صاحبه لم يتسعمله فاذا لم يوجد طريق طعن وشاب الحكم حالة من الحالتين الاثنتين كان منعدما وليس باطلا والحالة الاولى هي صدور الحكم القضائي من شخص مجرد من ولاية القضاء وهذه مسالة لا خلاف عليها فقيها او قضائيا ، ويرى الفقيه ان صدور حكم مشوب بعدم الاختصاص كما لو صدر حكم من دائرة الاحوال الشخصية في مادة عمالية يؤدي الى البطلان وليس الانعدام ويرى الفقه كذلك انه اذا كان تعيين القاضي غير مطابق للقانون ولكنه حلف اليمين فان ذلك لا يؤثر في صحة الاعمال الصادرة ( كورتي وفوبيه )
والحالة الثانية: اذا كان الحكم لا يتخذ المظهر الشكلي للاحكام القضائية ومثال ذلك ان يصدر حكم ولا يوجد ما يدل على كتابة الحكم فعدم كتابة الحكم تؤدي الى انعدامه وليس بطلانه.
وراى الجانب الثالث ان حكم المحكمة الدستورية لا يقبل الطعن باي طريق من طرق الطعن وله حجية توجب تنفيذه.
وقبل ابداء الراي القانوني في هذه المسالة يتعين لفت النظر الى ان البعض يخلط بين البطلان والانعدام واعتبار الحكم كان لم يكن والغاء الحكم وذلك امتداد للخلط بين الجزاءات الاجرائية الذي لم ينجو منه قانون المرافعات وبعض احكام التمييز .
ونشير في هذا الصدد الى ان الحكم الباطل هو حكم ينتج اثاره الى ان يلغى من المحكمة الاعلى في طعن في هذا الحكم فاذا قضي بالبطلان تزول اثار هذا الحكم، ويختلف البطلان عن الغاء الحكم فالغاء الحكم يعني زوال اثار الحكم باثر رجعي، وذلك يعني مثلا بالغاء حكم المحكمين فان الحكم القضائي بالغاء حكم المحكمين يعني زوال الاثار السلبية ويعني زوال الاثار التي ترتبت على حكم المحكمين ومنها تنفيذه، وكل ذلك باثر رجعي ويختلف البطلان عن اعتبار الحكم كأن لم يكن فاعتبار الحكم او الاجراء كان لم يكن يعني عدم الاعتداد بوجوده ويجوز لصاحب الشان التصرف على اساس ذلك ، وبالنسبة للانعدام وهو موضوع المشكلة المثارة فان هذا الاصطلاح القانوني يستخدم في مجالات عدم فالانعدام في القانون المدني انعدام في التصرفات وهذا ما يطلق عليه البطلان المطلق ولما كنا بصدد انعدام تصرف لعدم توافر عنصر من العناصر المكونة للتصرف كانعدام الارادة او عدم وجود خلال بين الجنسين في عقد زواج.
ويعني الانعدام في القانون الاداري ان يشوب القرار الاداري عيب جسيم، كان بصدد قرار من شخص اغتصب سلطة وصدر القرار بحيث لا تكون له سلطة امارة في اصداره، اما اذا صدر القرار ممن له سلطة قانونا ولكن تجاوز نطاق سلطاته فالجزاء هو البطلان وليس الانعدام واذا كان القرار الاداري منعدما لاغتصاب السلطة او حدوث اعتداء مادي كالاعتداء على حرية عامة او حق الملكية فان القضاء العادي وليس الاداري هو المختص بالتعرض له، لانه لا يوجد قرار اداري اصلا ولا يعد التعرض له من قبل القضاء العادي مخالفة لقواعد الاختصاص ولا يقبل القرار الاداري المنعدم فكرة التحقيق ويجوز سحبه في أي وقت ويمكن طلب الغاء قضاته دون تقيد بشرط المدة اللازمة للطعن فيه.
 

 

علمت من مصادر خاصة أن الصحف الكويتية اليومية امتنعت أمس من نشر مقال لأستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت عزمي عبدالفتاح أكد من خلاله أحقية مبارك الوعلان والنائب السابق عبدالله بن شرفان في حضور الجلسة الإفتتاحية لدور الإنعقاد المقبل، وأضافت المصادر أن الصحف اليومية تعرضت لضغوطات كبيرة لمنع المقال من النشر، في ظل تدخلات من عدة اطراف أخرى أيضا بعدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه الطبيعي، كون الموضوع قد صدر به حكم من المحكمة الدستورية، ولكن الجدل القانوني حول حكم الدستورية ببطلان عضوية مبارك الوعلان وعبدالله العجمي لايزال يتصاعد مع اقتراب موعد دور الإنعقاد  في 21 أكتوبر المقبل.

هذا سوتقوم بنشر المقال حال حصولها على نسخة منه.

الآن: فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك