زايد الزيد ينعي الشعب الكويتي لأته شعب ميت مادام الليبراليين والاخوان المسلمين مسيطرين على جمعيتي الدفاع عن المال العام والشفافية ولم يعلنوا رأيهم حتى اللحظة بالبوقات الكبيرة

زاوية الكتاب

كتب 1259 مشاهدات 0





شعب ميت!!
زايد الزيد 


 
اتصل بي يوم أمس، رجل سياسي مخضرم من جيل الزمن الجميل، جيل العمل السياسي النظيف، وقال لي: لقد قرأت في احدى الصحف اليومية تفاصيل الندوة التي شاركت بها في «الجهرة» عن المصفاة الرابعة، ولقد أذهلتني المعلومات التي ذكرتها عن مصنع الثلج الذي أخذ أصحابه الملايين من دون أن ينتج كسرة ثلج واحدة!! وأذهلتني أكثر قصة إعادة تأثيث 48 فيلا صغيرة للضيافة بمبلغ 2 مليون دينار للفيلا الواحدة والتي كلف بمقاولتها ابن أحد الوزراء الكبار وشريكه السوري!! ثم تساءل: هل اتصل بك أحد من أعضاء مجلس الأمة وخاصة من أعضاء لجنة حماية الأموال العامة ليحصل على المعلومات التي بحوزتك؟!

لقد أثار الرجل المواجع كما يقولون، وأجبته إجابة مطولة، أسوق إليكم تفاصيلها بشكل مختصر كالتالي:

قلت: إن حيوية أي شعب تقاس بنشاط مؤسسات مجتمعه المدني، وأعني بذلك مؤسسات العمل الأهلي، أي المؤسسات التي ينشئها المواطنون وتتناول كل منها شأنا من الشؤون العامة، وهي لاتتبع الحكومات ويفترض أنها بعيدة عن سيطرتها. نسميها هنا مؤسسات النفع العام، وتسمى في الغرب المنظمات غير الحكومية .

وفي الكويت، وحتى وقت قريب، كانت معظم هذه المؤسسات تلعب دوراً كبيرا في مختلف المجالات، وخاصة تلك التي كانت دائما قريبة، أو قل انها تدور في فلك القوى السياسية، وكانت هذه المؤسسات تدافع عن الدستور بالمطلق، وتحمي المواطنين من جور السلطة، وتدافع عن حريات الفرد، وتدافع عن الأموال العامة، وتبث الوعي لدى المواطنين بحقوقهم العامة والشخصية، باختصار: كانت - وعلى الرغم من اختلاف موضوعات عملها - تستنفر طاقاتها في الأزمات الكبرى لتكون الدرع الواقية للدولة والمجتمع.

وأضفت: الآن، الصورة اختلفت كثيرا، فبعد ان تغيرت سلوكيات الطبقة السياسية، وحينما أصبحت القوى السياسية تركض وراء المناقصات، وأصبح العمل السياسي يباع ويشترى، تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني، بل أستطيع أن أقول انه انعدم!! ولو أردت أن أعدد الأمثلة التي تؤكد ماذهبت إليه لملأت صفحات عديدة!!

ولكن- ومراعاة للمساحة الممنوحة - لندع المواقف المتقاعسة لمؤسسات مجتمعنا المدني تجاه قضايا الاعتداء على الحريات، وكذلك تجاه الاعتداء على الدستور، وأيضا الاعتداء على حقوق الانسان، لندع هذا كله وننحيه جانبا، ولنسلط الأنظار على الاعتداءات السافرة التي تمارس يوميا في حق المال العام في ظل حكومتنا الاصلاحية، ولنر ماذا فعلت مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالتصدي (أو التي يفترض بها كذلك) لسراق المال العام؟

لدينا جمعيتان صلب أعمالهما حماية المال العام وملاحقة سراقه: الأولى هي الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام، أما الثانية فهي الجمعية الكويتية للشفافية، وربما من مساوئ الصدف أن الأولى يسيطر عليها مايعرف بالتيار الليبرالي، بينما  يستحوذ على الثانية  تيار الاخوان المسلمين !! وإذا رجعنا الى قضايا التعديات التي تمت على المال العام في العامين الماضيين فقط، واسترجعنا قصة شركة «أمانة»، والفحم المكلسن، والمدينة الاعلامية، وتجاوزات التوربينات وخطة طوارئ الكهرباء 2006/2007، والمصفاة الرابعة، ومصروفات مكتب الرئيس، والتجاوزات المالية في وزارة الدفاع التي أثارها النائب جمعان الحربش منذ المجلس السابق، إذا استرجعنا فقط هذه القضايا، هل يعقل أن تصمت عن ذلك جمعية ترفع شعارالدفاع عن المال العام وأخرى تتخذ من مبدأ الشفافية شعارا لها؟ فهل يعقل أو يجوز أن تصمتا صمت أهل القبور عن مثل تلك التجاوزات؟! لا نقول انه كان يجب أن تتخذ هاتان الجمعيتان مواقف فورية تدين تلك القضايا، وتصدر عليها أحكامها، أبدا، إنما ما هو منتظر منهما، أن تعلنا أنهما تتابعان هذه القضايا باهتمام حتى تصلا إلى الحقيقة، ومن ثم تكشفان التفاصيل أمام الملأ: «حماية للمال العام» وتعزيزا لـ «الشفافية»!!  لكن أيا من هذا لم يحدث!! فهل ننعي الجمعيتين؟ أم ننعي أنفسنا كشعب؟!

وختمت: ان ما كنا نعول عليه وما كنا نعقد عليه الأمل هو جدية عمل مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض بها تقويم عمل مجلس الأمة  والسير به نحو جادة الصواب، ولا تعتقد بامكانية وجود برلمان حي من دون وجود مجتمع مدني حي وفاعل، والدليل أن أكثر النواب التصاقا بمؤسسات المجتمع المدني المعنية بحماية المال العام هم ممن تدور حولهم شبهات الاعتداء على المال العام!!

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك