وليد الطبطبائي يحذر الحكومة ووزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار تجاه ما سينعكس على اموالنا المستثمرة في الغرب

زاوية الكتاب

كتب 548 مشاهدات 0





أزمة الاقتصاد العالمي: «يمحق الله الربا ويربي الصدقات» 

العاصفة التي تمر بها اسواق المال العالمية بعد ان دكت ازمة الرهون العقارية الامريكية - ثم التوابع الزلزالية لهذه الازمة - عددا غير قليل من اهم المصارف الدولية، دليل على الاسس الهشة التي يقوم عليها الاقتصاد الرأسمالي والمعتمد على الربا كصانع رئيسي للمال والثروة، واذا كان تدخل الحكومة الامريكية بسبعمائة مليار دولار والبريطانية بمائتين وغيرهما من الحكومات بمئات اخرى من المليارات ساعد على منع التدهور السريع للازمة الى ما هو اسوأ فان هذا ليس الا حلا مؤقتا لكارثة حتمية سيواجهها الاقتصاد الغربي في لحظة ما من المستقبل ويجر العالم كله اليها.

والمشكلة تعود في اصولها الى القرن الثامن عشر عندما خلقت الثورة الصناعية في اوربا فرصا كبيرة للتجارة والانتاج الموسع للسلع وتبادلها بين الامم وجاء استعمار الامم الغربية لمعظم اقطار العالم ليفتح المجال لعملية نهب منظمة لهذه الاقطار استمرت قرنين من الزمن وتضخمت بسببها موارد وامكانات الاقتصادات الغربية، واحتاجت هذه الفورة الى مؤسسات قادرة على التمويل وتأمين تدفق الاموال أو ادخارها على نطاق واسع، وهنا جاءت البنوك التي استغلت ذلك ونسجت النظام المصرفي الحالي الذي يتم من خلاله اختلاق المال من لا شيء، بل جعلت المال مقابلا للديون وبمضاعفات كبيرة فصارت الفائدة المصرفية (الربا) هي اساس المال والثروة وتضخمت قيمتها كالسرطان لتشكل ما يفوق قيمة الاصول والموارد العالمية بكثير، ولتصبح المضاربة هي اساس القيمة المضافة لا البضاعة أو الخدمة أو الايداع الانساني.

يضاف الى ما سبق ان الصناعة المصرفية كانت دوما حكراً على اقلية غامضة من المتنفذين الذين يغلب عليهم الانتماء اليهودي، ومع السيطرة على صناعة المال جاءت السيطرة على وسائل الاعلام ثم على النفوذ السياسي ومن بعده كل شيء آخر.

وقد انتقد اقتصاديون غربيون هذا النظام المالي العالمي القائم على الربا، ولم يأت انتقادهم على اسس دينية أو اخلاقية أو سياسية، بل كان انتقادا اقتصاديا فنيا بحتا، وهم يشبهون ما يحدث بلعبة «الكراسي الموسيقية» التي يظل اللاعبون فيها جزءا من اللعبة ما دامت الموسيقى تدور، لكنها حين تتوقف لأي سبب سيجد اللاعبون ان الكراسي لا تتسع لهم جميعا، وسيجد العالم حين تتوقف لعبة الاقتصاد الربوي ان اكثر المال في العالم هو ورق لا تسنده اصول حقيقية، وحينئذ سينهار النظام النقدي الدولي كما يتوقع خبراء في الغرب يطالبون منذ زمن بايجاد اسس بديلة لهذا النظام.

لقد حرم الاسلام الربا ليس لانه استغلال من طرف لطرف آخر فحسب، بل لان الربا لا يصنع اقتصاداً صحيحاً لبني البشر بل يشجع على المضاربة بالاموال بدلاً من الانتاج والابداع الانساني ويساعد على تركيز الثروة بيد اقلية تسيطر على الغرف الخلفية للبنوك وتحيك الخطط لإبقاء هذه الهيمنة على تدفقات الاموال وتجعل الاقتصادات العالمية تحت سيطرتها.

ونتذكر انه عندما تأسس اول البنوك الاسلامية في منطقة الخليج في السبعينات قالوا ان التجربة لن تنجح لان الفائدة المصرفية هي الاساس الوحيد السليم للاقتصاد وهو ثمرة العبقرية المالية للغرب، والآن نرى ان النظام المصرفي الخاضع للضوابط الاسلامية هو الاوسع نمواً بين كل المصارف في المنطقة والعالم ليس لدوافع دينية عند الناس فقط بل لأسباب موضوعية تتعلق بالأداء وتحقيق الارباح.

ان على الحكومة الكويتية ووزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار اخذ الاحتياط والحذر تجاه ما سينعكس على اموالنا المستثمرة في الغرب من الازمة الاقتصادية الاخيرة، واتخاذ الخطوات التي تحمي استثماراتنا هناك، وكنا على سبيل المثال قد حذرنا وحذر كثيرون من الاستثمار في بنوك مثل ميري لينش وسيتي غروب التي خسرنا فيها ملياري دولار في السنة الماضية، ومن المنطقي الافتراض اننا خسرنا المليارات في الازمة الحالية وسنخسر المزيد فهل ستستمر الهيئة في تجاهل التحذيرات ونحن في بداية ازمة وصفها رئيس البنك الفيدرالي الامريكي السابق الآن غرينسبان بأن العالم لم يعرف مثلها منذ قرن.

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك