الواقع المتخلف أساس الفكر التكفيري!.. هذا ما يعتقده وليد الرجيب
زاوية الكتابكتب أكتوبر 19, 2014, 1:05 ص 964 مشاهدات 0
الراي
أصبوحة / هل الإرهاب صناعة غربية فقط؟!
وليد الرجيب
كتب الباحث اليساري الفلسطيني سلامة كيلة مقالاً في مجلة العربي الجديدة الإلكترونية، في عددها الصادر يوم 13 أكتوبر 2014، تحت عنوان «المجاهدون بين الأيديولوجية والواقع..من أفغانستان إلى داعش»، وهو مقال يستحق القراءة.
وكيلة في المقال يؤكد أثر الفقر والجهل في واقع البلدان العربية، إذ يقول:» إن جل «المجاهدين» آتون من بيئات مهمشة ومفقرة، ويمكن أن نقول إنها «خارج الحضارة»، ومن يدرس الأصول الاجتماعية لهؤلاء، يلمس هذا الأمر جيداً.
وهي بيئاتٌ مهمشةٌ كذلك من حيث التعليم، والتواصل، والمقدرة»، لكنه يقول أيضاً:» كانت أجهزة المخابرات هي التي تسهّل وتسهم في الحشد، ومن ثم تدرّب وتموّل وتسلح.
وهذه التوليفة هي التي شكّلت ظاهرة «المجاهدين»، وليس البنى المحلية التي أنتجت هؤلاء، والتي لا تستطيع أن تتجاوز محليتها».وإذا كنا سننظر إلى القضية جدلياً كما يدعونا كيلة، فعلينا أن لا نفصل بين الواقع المتخلف والتي سماها بيئات مهمشة ومفقرة، عن الدور الغربي والاستخباراتي، إن «البيئات» الرجعية كرست استغلال الدين لتثبيت حكمها متماهية بذلك والمصالح الغربية التي تتبعها، فخرجت أجيال من الأصوليين الأثرياء الذين يموّلون الجهاديين، ويجدون في الفكر اليساري والفكر القومي خطراً على الإسلام، مثلما تجد الرجعية والدكتاتورية العربية هذه الاتجاهات خطراً يهدد عروشها، وبالتأكيد استفادت من سياسة التجهيل وتكريس التخلف الاجتماعي والثقافي في المجتمعات، استناداً على فتاوى تكفيرية وتأجيج الكراهية بين الطوائف أيضاً لنفس الغرض، فلم تأت الاستخبارات الغربية لتجد مجتمعات ديموقراطية مدنية وتلتقط منها الفقراء والمهمشين وتصنع منهم جهاديين، بل كان الأساس هو الواقع المتخلف الذي أنتج هذه الأفكار التي اُستغلت من الداخل والخارج، فهناك تحالف وثيق بين الغرب الامبريالي والرجعية والدكتاتورية العربية، لتحقيق المصالح المشتركة سواء تثبيت الحكم أو استغلال الشعوب وثرواتها.
لقد أنشئت قبل وبعد الحرب الباردة مدارس وجامعات دينية في الدول الإسلامية مثل باكستان وأندونيسيا وماليزيا والصومال وغيرها، لتفريخ إسلام متشدد في الباطن ونشر الإسلام وتعاليمه في العلن، وأسست الجمعيات الخيرية العالمية التي تعتبر البنك الممول للإسلام المتشدد والجهادي والتكفيري.
ويشير تقرير مثير للغاية صادر عن «مركز كارنيغي للشرق الأوسط» في 7 مايو 2014، حول دور السلفية الكويتية ونفوذها المتنامي في بلاد الشام، وهي الحركة التي دعمت الحرب في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي بالمال والرجال والفتاوى، والتي تضم في عضويتها أبناء عائلات تجارية متنفذة، مخترقة بذلك نخبة اقتصادية في الكويت، لم تأت من بيئة مهمشة ومفقرة، بل تملك الحركة السلفية شركات تجارية واستثمارية تقدر رؤوس أموالها بمئات الملايين، وعلينا أن نتذكر الملياردير بن لادن.
ويشير التقرير أن الحركة السلفية الكويتية التي انقسمت بين أصوليين دعويين يؤمنون بطاعة ولي الأمر المطلقة حتى وإن كان ظالماً، وحركيين يؤمنون بالعمل السياسي ويطمحون لأسلمة المجتمع والقوانين ومؤسسات الدولة، وذلك باستخدام العنف إذا لزم الأمر، يقول التقرير إن هذه الحركة المتنفذة مالياً استطاعت تفتيت الحركة السلفية في شمال لبنان ودعمها مالياً، كما جمعت أموالاً ضخمة من المواطنين الكويتيين لرعاية مجموعات سلفية مسلحة في سورية، وهو الأمر الذي ساهم في ما حدث من شرذمة وطائفية داخل المعارضة السورية المسلحة وأضعفها في مواجهة النظام.
ويذكر التقرير أسماء قيادات سلف الكويت وجمعيتها الرئيسية ونوابها في مجلس الأمة وعلاقتهم بالسلطة الكويتية بالتفصيل، فهي تنفذ أجندات المخابرات الغربية والرجعية العربية منذ أن تأسست في ستينيات القرن الماضي، وتطورت تنظيمياً على يد المصري عبد الرحمن عبد الخالق، حتى اُستبعد واُستبدل بقيادات كويتية، على اثر الخلاف بين السلفية الأصولية والسلفية الحركية.
وليس دقيقاً أن يقال: «وليس البنى المحلية التي أنتجت هؤلاء، والتي لا تستطيع أن تتجاوز محليتها.
لا من حيث الفتوى، ولا من حيث التدريب والتمويل والإعلام، والسياسة.
فتلك البيئات المنتجة لا تعرف السياسة، وبالتالي، لا تستطيع تحديد سياق الحشد، ولا الهدف.
لهذا، تهرع إلى الأماكن التي يركز عليها الإعلام، أو يفتي فيها «أمير» ما» فقد تطورت التكنولوجيا والقدرات التدريبية والإعلامية لدى الجهاديين بمن فيهم الإخوان، دون أن يكون هناك تدخل مباشر من الاستخبارات أو تمويل من الرجعية العربية، فالواقع المتخلف سياسياً واجتماعياً وثقافياً كان الأساس للفكر التكفيري والجهادي، وهناك علاقة جدلية بين الواقع والأفكار.
تعليقات