محمد العوضي يدعو الحكومة للنظر بجدية وعجلة إلى النص القانوني المقترح لإقرار الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي الجنسية
زاوية الكتابكتب أكتوبر 8, 2008, منتصف الليل 539 مشاهدات 0
قتلني البدون!
قتلوني كما قتلوا الكثيرين معي وقبلي ولا يزالون يقتلون... ويقتلون... انهم البدون «غير محددي الجنسية»، وهؤلاء الناس يختلفون عن غيرهم في حقيقة القتل إذ انهم قد يمارسون القتل لمرات عدة للشخص الواحد؟ لماذا؟ لأن قتلهم ليس مادياً حسياً ينتهي بلحظة أو ساعة... وإنما قتل إنساني يظل القتيل يمشي على الأرض يتنفس ويمارس نشاطه في جسد يمتلئ بأوجاع تفقده الاستمتاع بالحياة والاحياء... لذا فإن قتلى البدون هم البشر الحقيقيون... هم الناس الذين لهم شعور الآدميين... هم الذين تحرروا من داء الأنانية... وآفة العنصرية... هم الذين اختصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صدق إيمانه بقوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»... أي هم الذين ينظرون لمرضى البدون... وأطفال البدون... وعجائز البدون... وأرامل البدون... وايتام البدون... وشباب البدون الُمغيّب عن حقوقه، المحطم في آماله... المحبط من واقعه... يرى كل هؤلاء وكأن صغيرهم ابنه أو أخوه، وكبيرهم جده أو أبوه... باختصار ان الإنسان عندما يسمع عن اتساع دائرة مأساة ما يعادل مئة ألف إنسان وتقرع اذنيه بعض تفاصيل حياتهم القاسية فإنه نفسيا ومعنويا يسقط قتيلا مضرجا بالهموم والسموم.
رمضان موسم لمزيد من التراحم والتعاطف والتواصل بين الناس... وفي هذا الموسم - رغم تواصلي مع البدون - سمعت ورأيت ما زادني هما وألماً لما آل إليه حال البدون... ولقد جلست إلى عدد من شبابهم وكبارهم فقتلوني بأحوالهم، التي كما يقال لا تسر صديقا ولا عدوا، وكان جل الكلام يدور حول اذا ما كانت الجنسية ومنحها لمن يستحقها لها اجراءاتها البطيئة والمعقدة، ولا تنطبق على الكثيرين فأين الحقوق الآدمية التي يدركها ابناء المجتمعات البدائية منذ قرون مضت!
لقد هزني الشباب الذي بعد ان عرض مشكلته وطلب مني ماذا يصنع في ظل هذه القيود والسدود فأحسست بأني عاجز عن الاجابة لأن محاصرتهم قانونية، فلم يملك الشاب إلا ان يترك دموعه تسيل على خديه ما جعلني أضعف أمام ضعفه فأجبته بدموعي التي لن تحل مشكلته! انني ادعو الحكومة النظر بجدية وعجلة إلى النص القانوني المقترح لإقرار الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي الجنسية، والذي صدّره «تجمع الكويتيين للبدون» ولقد تلقيت منه نسخة وهو ما يحقق قدرا كبيرا من العدالة وتخفيف المأساة ولكي لا نكون مجرد متعاطفين.
محمد العوضي
الراى
تعليقات