يكتب عبد العزيز الكندري عن ركائز تقدم الدول

زاوية الكتاب

كتب 502 مشاهدات 0


الراي

ربيع الكلمات  /  التفوق.. من دون أسلحة!

عبد العزيز الكندري

 

هناك سباق كبير في المنطقة بين دول كثيرة لامتلاك الأسلحة، وتذكر التقارير حجم الإنفاق الهائل لتسلح الدول العربية، والبعض يعتقد انه لو امتلك سلاحا فإنه سيتفوق على الآخرين ، ويجعل كلمته مسموعه في العالم ، وهذا فهم مجانب للصواب ، وخير مثال على ذلك ماليزيا واليابان وسنغافورة وسويسرا ودول أخرى كثيرة فرضت إرادتها من غير سلاح ، واليابان التى تمت هزيمتها في الحرب العالمية الثانية ، وامتصت الصدمة ، وأعادت صياغة نفسها من جديد ، فأصبحت واحدة من أقوى الدول بل وفي مصاف الدول العظمى ، وفرضت نفسها على الجميع ، وهي قادمة بقوة ، مع أنها لا تمتلك سلاحا نوويا ، كيف استطاعت الوصول لذلك ؟ ولا بد من أن هناك أمورا جعلتها في الصدارة والمقدمة .

أما ماليزيا البلد المسلم ومختلف الأعراق والثقافات في نفس الوقت ، فيعتبر واحدا من الأمثلة على التفوق والتقدم من غير أي سلاح ، سواء على الجانب العلمي أو السياسي أو الاقتصادي ، بل أصبح بلدا جالبا لرؤوس الأموال ، وكيف أصبح في قائمة اول عشرين دولة تجارية بالعالم بصادراتها ووارداتها ، إن هناك مجموعة من الامور التى أدت إلى تطور ورقي هذا البلد ، ولو وجدت هذه الأسباب في دولة ، فسوف تسهم في رقي وتطور المجتمع ، وهذه الأسباب هي : العلم والمعرفة ، وتطبيق القانون ، والحرية .

وهذه «سنغافورة» جزيرة صغيرة بلا موارد طبيعية تذكر ، واستلم زمام الأمور «لي كوان يو» الذي كان يبكي أثناء انفصالها عن ماليزيا ليجد المشاكل التى لاتعد ولاتحصر كالبطالة والفساد الإداري....، و شعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس . واليوم تعتبر « سنغافورة « خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة ، وأكثر البلدان استقرارًا سياسياً في آسيا وفق تقرير التنافسية العالمي ...، كيف استطاعت هذه الجزيرة الصغيرة أن تعيد هيكلة نفسها في 40 سنة فقط لاغير ، وفي جيل واحد فقط ، إنها الإدارة والإرادة الحصيفة والحكيمة والتى قامت على بناء الثقة . إذاً فالعلم والمعرفة والإدارة الحصيفة من الدعامات الاساسية لتقدم البلدان وبناء الحضارات، ولا مكان في هذا العالم لغير المتعلمين ، وبدون علم ومعرفة لايمكن للدول أن تتقدم وتتطور وتكون في دور ريادي في الطليعة .

والقانون وتطبيقه دون تمايز ، يعتبر الركيزة الثانية لتطور وتقدم الدول ، وعند تطبيق القوانين يجب أن تطبق على الجميع كأسنان المشط من دون تمايز بين أحد ، فالكل يجب أن يكونوا سواسية أمام القانون ، وعدم تطبيق القوانين يؤدي إلى الشعور بالغبن لدى المظلومين ، ما يؤدي إلى عدم الاستقرار بل وزوال الأمم ، وحتى رؤوس الأموال تهجر البلدان التى لا يوجد بها قانون ، فالقانون هو الدعامة والعصب الرئيسي والأساسي في أي مجتمع يريد أن يتطور .

أما الحرية فتعتبر دعامة مفصلية في تقدم الدول ، والذي يقرأ التاريخ جيدا يعرف كيف كان مصير الظالمين ، في الدنيا قبل الآخرة ، ما الفائدة من تعليم من غير حرية ، وقانون يجعل من الأخ يتجسس على اخيه ، وينظر إلى أسفل قدمه وهو يتحدث مخافة أن يراه أحد ، وأي مكان يتمع انتزاع الحرية منه فهو معرض للزوال ، وكما يقول عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟» ، وكما يقولون «الإنسان الحر هو الذي لا يخشى السير بأفكاره حتى النهاية».

إن النجاح العسكري لأي دولة معرض للزوال في أي وقت لو لم تكن هذه الأركان الثلاثة موجودة بل وهي التى ترسم حدود الحضارة ، وتجعل من التواصل الحضاري أمرا مهما وحيويا، وبل وهي التي تسهم في ردم الهوة السحيقة بين الشرق الغرب علميا واقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك