تحقيق السلام لا يعني فقط وقف الحروب!.. برأي وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 822 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  القيمة البشرية الكبرى للسلام

وليد الرجيب

 

احتفل العالم بالذكرى السنوية لليوم العالمي للسلام الذي يصادف 21 سبتمبر، وهو اليوم الذي خصصته الجمعية العامة للأمم المتحدة للتذكير بهذه القيمة البشرية الكبرى، والتي تبدو وكأنها تصبح يوماً بعد يوم بعيدة المنال، لكنها تبقى أيضاً أملاً للبشرية على كوكبنا الذي ستحققه الشعوب في يومٍ ما.

ومن يتابع هذا العالم المجنون والمسكون بشهوة الحروب والقتل والدمار والسيطرة والاستحواذ على ثروات الشعوب، يظن أن العدوان والقتل الذي تمارسه الدول ضد بعضها، وكذلك العنف والقمع البوليسي الذي تمارسه الأنظمة ضد شعوبها، وانتهاك حقوق الإنسان في الحرية والكرامة والديموقراطية والعيش الكريم وضمان مستقبل أجياله القادمة، يظن أن هذا القتل والوحشية ومصادرة الحريات وحقوق الإنسان هو من سمات وطبائع البشر.

فرغم المآسي التي تعرض لها البشر خاصة في الحربين العالميتين بالقرن الماضي، إلا أن أطماع الدول وغواية الاستحواذ والسيطرة على ما لدى الدول والشعوب الأخرى، تظل غايتها الأساسية هي تحقيق الأرباح والمصالح الأنانية لأصحاب رؤوس الأموال، من خلال الحروب المباشرة من أجل إعادة تقاسم النفوذ بالعالم أو بالوكالة أو بأي وسيلة أخرى، ولو على حساب حياة البشر وتقدمهم ورخائهم والحفاظ على تراثهم الثقافي والإنساني والحضاري.

وما زال الشغل الشاغل للدول الامبريالية الكبرى، هو البحث الدائم عن أسلحة الإبادة والتفنن في خلق الوسائل لاستمرار التوتر والنزاعات في مناطق العالم، وتخصص لذلك مليارات الدولارات لأجهزة الاستخبارات ومختبرات مصانع السلاح لضمان التفوق من خلال القتل الجماعي، وخلق مجموعات إرهابية تعمل على تدريبها وتمويلها لزعزعة استقرار الشعوب، وتحرضها على العنف والوحشية ونشر ثقافة الكراهية العرقية والدينية والطائفية، وشق المجتمعات طولياً لحرفها عن قضاياها الوطنية وآمال بناء أوطانها.

إن الثورات العربية التي قامت من أجل الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والتخلص من التبعية، دفعت الدول الامبريالية لإيجاد سبل لإجهاضها حتى لا تتضرر مصالحها في المنطقة، عن طريق حلفائها من الإسلاميين ومن بقايا الأنظمة الدكتاتورية السابقة، ودعمت العدو الصهيوني لتدمير غزة وقتل المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ، وهدم منازلهم ومدارسهم وجوامعهم، وهي تعلم أن الأنظمة العربية مشغولة بجبهاتها الداخلية مع المعارضة بأشكالها.

إن تحقيق السلام لا يعني فقط وقف الحروب والاعتداءات بين الدول، بل يعني السلام داخل كل مجتمع وبين مكوناته المختلفة الإثنية والطائفية والقبلية، وبين الأنظمة وشعوبها والتوقف عن العنف والقمع البوليسي والمحاكمات السياسية وتقييد الحريات، وإشاعة الأمن والاستقرار والقضاء على أسباب الغضب والتذمر الجماهيري، مثل الفساد المتفشي وتهميش الشعوب وتحجيم إرادتها والتفرد بالسلطة والقرار.

لقد كانت توجد في الكويت «منظمة السلم والتضامن» التي كانت ناشطة ومشاركة في الاجتماعات الإقليمية والدولية للسلم، من خلال لجنة السلم العالمي ومؤتمراته، ولكنها للأسف توقفت عن النشاط في هذا المجال المهم، لأنها كانت تستند إلى شخصيات ووجوه وليس إلى نظام مؤسسي، وعندما توقفت هذه الشخصيات عن نشاطها، توقفت معها «لجنة السلم والتضامن» في الكويت رغم الحاجة الملحّة لها الآن، ونتمنى أن يعاد تنشيطها ليس فقط برغبة الأفراد الشخصية، ولكن أيضاً كمؤسسة مهمة وحاجة إنسانية ضرورية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك