تركي العازمي يضع وصفة لمكافحة الفساد إن كانت الحكومة تريد مكافحته حقا

زاوية الكتاب

كتب 542 مشاهدات 0





النزول على الأرض!
 
 
 
طالعتنا الصحف بخبر مفاده أن الحكومة طالبت وزراءها بـ «النزول على الأرض» وكشف المتلاعبين والمتجاوزين، وجاء الخبر متزامناً مع نشر نتائج مؤشر الفساد الذي يصدر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي احتلت الكويت فيه مرتبة 65 عالمياً بتراجع عما كانت عليه في عام 2003 (35). ماذا يعني هذا التراجع؟ وهل بإمكان الحكومة كشف المتلاعبين والمتجاوزين وكيف؟
الحكومة يبدو أنها جادة، ولو من الناحية النظرية، فهي وقعت في العام 2003 على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد التي صادق عليها مجلس الأمة في العام 2006. ولو بررنا سبب عدم إنجاز الحكومة مشروع محاربة الفساد بعد التوقيع على الاتفاقية يعود إلى عدم تصديق مجلس الأمة على الاتفاقية، فهذا السبب «مأخوذ خيره»، ولو جاء من الناحية الفرضية، إذ كانت الكويت في المرتبة 45 عام 2006 وتراجعت إلى 65 في العام 2008 يعني.. «من أردى لأردى»!
والنزول على الأرض يعني أن الوزراء كانوا في عزلة عما هو جارٍ على الأرض وانشغلوا في لعب السياسة وجوانب بعيدة عن العملية التشغيلية التي أفسدها رجال أعني أشباح الفساد! إن النزول على الأرض لا يمكن تحقيق غاياته في الوصول إلى الأيادي المفسدة من متلاعبين كبرت مناصبهم أم صغرت: لماذا؟
نعتقد بأن الحكومة إن كانت بالفعل جادة في محاربة الفساد فيجب عليها وضع استراتيجية واضحة، وهي في غاية البساطة! وعلى الحكومة جلب بيوت استشارية محايدة واستحداث مكتب استراتيجي تابع للوزير في كل وزارة.
والبيوت الاستشارية يتطلب منها عمل تقييم للوضع التشغيلي القائم وعمل مسح ميداني يقصد من ورائه اختبار لكفاءة القياديين الحاليين من مركز وكيل وزارة إلى رئيس قسم وعمل استبيانات لكشف آراء العاملين عن أسباب تدني الإنتاجية وتفشي الفساد في المنشأة.
وتقرير البيوت الاستشارية وتوصياتها يجب الأخذ بها، وحينئذ يكون بالإمكان عزل الطالح ومكافأة الصالح من دون أدنى أي تدخل سواء كان سياسياً، حزبياً، فئوياً، طبقياً، قبلياً... أو أي تدخل آخر.
بعد تطهير المنشآت من أوجه الفساد يصبح العمل الاستراتيجي ممكناً، وبالتالي تقوم الدولة على متابعة خطتها من منظور استراتيجي صحيح، بعيداً عن الخطط الإنشائية التي تعودنا عليها.
أعتقد، والله العالم، أن القضية أصعب بكثير مما نتصور، فالثقافة الحالية باتت متشبعة بمفاهيم الفساد، ونحن بحاجة إلى عام كامل فقط لمعرفة وضع العمل في الدوائر الحكومية، وعام آخر لوضع التوصيات، وعام آخر لزحزحة المتلاعبين والمتجاوزين، ومن ثم رسم خطة عمل.
إن تغيير ثقافة المنشأة لا يتم في ليلة وضحاها، فهو بحاجة إلى اتفاق بين السلطتين ودعم مطلق من أصحاب القرار ويحتاج كذلك إلى الشجاعة في أخذ القرار، بعيداً عن التدوير الذي يراد منه ذر الرماد في العيون أو كما يقولون لأجل عين تكرم أعين، وهذا هو الإشكال القائم!
إذا كنا قد وصلنا إلى تجار الإقامات الذين عاثوا في الأرض فساداً، ولم نتجرأ على تسميتهم ومحاسبتهم، فما بالنا بالفساد الذي كان يساند أفراد هؤلاء العابثين وخيوطهم في كل مكان.
على أي حال، سنحسن النية... وندعو المولى عز وجل أن يلهم أصحاب القرار البطانة الصالحة التي تعين ولاة الأمر في بلوغ الغايات الموعودة... والله المستعان.
تركي العازمي
الراى

تعليقات

اكتب تعليقك