تنقيح الدستور هو مطالبة أحمد بشاره لخلق مجلس أعيان معين وكوتا نسائية وتقليل مدة المجلس وتمحيص الاستجوابات
زاوية الكتابكتب أكتوبر 1, 2008, منتصف الليل 747 مشاهدات 0
كفانا ضياعاً.. المطلوب تعديل الدستور | ||
ولا شيء يمنع من تعديل نصوص الدستور مثلما يعدل المجتمع القوانين المختلفة لمسايرة الجديد ولمواكبة التطورات. فالعقد السياسي الذي يمثله الدستور تجسيد لإرادة التراضي بين طرفيه: الأسرة الحاكمة والشعب. ولهما حق التغيير للوصول إلى صيغة توافقية جديدة. وتعديل الدستور تعبير عن حيوية المجتمع وحاجته إلى التطوير. فقط المجتمعات الخاملة أو التي كتبت على نفسها الموت تقبل بالسكون والثبات. فالدستور مثله مثل أي إطار تشريعي في البلاد يحتاج إلى مراجعة وتعديل ليواكب التبدلات التي يشهدها المجتمع. والكويت شهدت الكثير من هذه التبدلات، وكشفت لها تجربتها الطويلة ما خفي على الآباء المؤسسين. ومثلما تتنوع الأفكار حول تعديل القوانين العادية يجب أن نقبل جميع الأفكار حول تعديل الدستور. ونخضعها جميعاً للمناقشة والتمحيص دون تهويل أو تخوين كي لا نحرم المجتمع من أي فكرة صائبة. بل الواجب أن نشجع كل ذي رأي واختصاص واهتمام. أما أجواء التخويف والهالة القدسية الحالية المفروضة فلا تشجع على استنطاق الأفكار والتعرف على الآراء. بل هي مدمرة بحق المجتمع حتى من باب الكشف عن خطئها أو منافاتها للمصلحة العامة. فضلاً عن أن أجواء التخويف تتعارض مع حرية التعبير التي كفلها الدستور ذاته. ودون الخوض في نصوص المواد الحالية - وكي يكون الكلام محدداً وواضحاً - نرى أن أهم التعديلات الواجبة هي على هيكل توزيع السلطات وكيفية ممارستها. وتتمثل في التالي: * أن تشكل السلطة التشريعية من مجلسين: مجلس للنواب (بالانتخاب) ومجلس للأعيان (بالتعيين). والاثنان معاً (النواب والأعيان) يسميان 'مجلس الأمة'. وتقسم السلطات بين المجلسين بشكل واضح، وبما يحقق التدقيق والتوازن في التشريعات المقترحة من أي منهما وكي لا يطغى رأي أحد المجلسين على الآخر. فتسمو بذلك المصلحة العامة وتتعاضد الآراء. المجلس الواحد يحرم الكويت من التعددية، ويحتكر العمل السياسي. * تعديل آليات الاستجوابات النيابية لتحويل مادتها أولاً إلى لجان فحص وتحقيق في إدعاءات النائب وسماع ردود الوزير المختص عليها في جلسات مغلقة على العامة ضماناً للموضوعية. وتكون هذه اللجان من أعضاء المجلسين بالتساوي. وبعدها تعرض نتائج لجان الفحص والتحقيق وتوصياتها (بما فيها إعفاء الوزير) على مجلس النواب للتصويت عليها بعد مناقشة محدودة. ولا يشارك مجلس الأعيان في المناقشة أو التصويت. ومرد ذلك أن الاستجوابات بشكلها الحالي تحولت إلى عروض بهلوانية ضارة ومدمرة، ويطغى فيها الباطل على الحق، وتهان كرامة الناس. * أن يُضمن الدستور الجديد حق الأمير في اللجوء إلى الاستفتاءات العامة والمباشرة على ما يراه مناسباً للصالح العام، وبما لا يتجاوز استفتاء واحداً في السنة. وعبر الاستفتاء العام يسترشد الأمير برأي الشعب مباشرة، خاصة فيما يراه اختلافاً مع مجلس النواب أو يستدعي الأمر فيه سرعة الحسم. * تعديل بعض المدد الدستورية المعمول بها حالياً (مثل فترة تشكيل الحكومة، وإعلان برنامجها، ودعوة المجلس، وفترة انعقاد الفصل التشريعي، ودورية انعقاده ونحوها). فكثير من المدد الحالية مقيدة جداً مما يربك المصلحة العامة. وأن تقلص مدة دور الانعقاد للسلطة التشريعية بمجلسيها إلى 6 أشهر (بدلاً من 8 الحالية) للارتقاء بمستوى العمل والتركيز على القضايا الهامة والابتعاد عن الانشغال اليومي غير المفيد. * أن تنصَ التعديلات الدستورية على ضمان نسبة محددة من أعضاء المجلسين (النواب والأعيان) للنساء إما عبر آلية الانتخاب أو التعيين أو بهما معاً. فمن دون ضمان حصة مقننة للسيدات في المجلسين سيظل التشريع للمجتمع قاصراً، وحقوق أفراده منقوصة. * أن يكون عدد الوزراء ثلث العدد الإجمالي لأعضاء السلطة التشريعية في كل من مجلس النواب ومجلس الأعيان. ويتيح هذا الشرط فسحة توسعة الإشراف والمتابعة الدقيقة على مؤسسات الدولة عبر وزراء متفرغين. فالعدد الحالي لا يكفي مع ترامي مهام الدولة. * أن تعرض التعديلات الدستورية المقترحة على الشعب في استفتاء عام. وتصبح واجبة بحصولها على أغلبية بسيطة من الناخبين المسجلين. فواضح أن أي تعديلات من خلال مجلس الأمة بشكله الحالي مصيرها الفشل بحكم المصالح المستقرة لأعضائه. ومن الضروري الإشارة إلى أن أي تعديلات مقترحة يجب ألا تمس بأي شكل من الأشكال أسس ونصوص أي من الأبواب: الأول والثاني والثالث من الدستور الحالي، وهي الخاصة بالدولة ونظام الحكم، والمقومات الأساسية للمجتمع الكويتي، والحقوق والواجبات. ويمتد حظر المساس كذلك إلى الفصل الخامس من الباب الرابع والخاص بالسلطة القضائية. فهذه النصوص تشكل حصن البلاد الآمن. بل أن تكون التعديلات في حدودها الدنيا جداً على الفصلين الثالث والرابع من الباب الرابع (المادة 79 إلى 161) في الدستور الحالي. هذه بعض الاجتهادات الناجمة عن متابعة شخصية طويلة للشأن العام. لا شك أن كثيرين لديهم ملاحظات أخرى وأهم، بالإضافة أو التعديل أو الاعتراض. لكن الأهم أن نتبصر جميعاً ونراجع ونناقش - بهدوء ومن دون تبسيط أو تهويل أو تشكيك - شؤون بلدنا بقصد الارتقاء بتجربتنا الديموقراطية الطويلة. فلا خير فينا إن أخفقنا في إسداء النصح على الأقل. |
القبس
تعليقات