التعليم في الكويت...إلى أين؟

زاوية الكتاب

الدكتور زيد الشمري بدراسة تحليلية عن مواقع الخلل

كتب 3166 مشاهدات 0

زيد الشمري

التعليم في الكويت...إلى أين؟
 
ﻻ‌ يخفى عليكم جميعاً بأن التعليم مهم ليس فقط على المستوى الشخصي ﻷ‌فراد المجتمع بل للدولة بكل مقوماتها ومن أهمها اﻻ‌قتصاد. خبراء اﻻ‌قتصاد والتعليم أجمعوا على العﻼ‌قة اﻻ‌يجابية بين اﻻ‌قتصاد و التعليم بحيث كلما كان التعليم ذو جوده عالية وقوي من حيث مخرجاته كلما كان اﻻ‌قتصاد قوي في الدولة .

كما ﻻ‌ يخفى عليك عزيزي القارئ بأن جزء من حل المشكلة أو اﻹ‌صﻼ‌ح في أي نظام يكون من خﻼ‌ل المشاركة الفعالة للمجتمع سواء أفراد أو مؤسسات، لذلك  أصبح لزاماً علينا اﻹ‌شارة لعدة مسائل مهمة في الشأن التعليمي في الكويت لم لها من تأثير مباشر على تحسين جودة ومخرجات التعليم على اﻷ‌قل في مدارس التعليم العام الحكومية. كما أنناً نعلم بأن التعليم منظومة ليست بالسهلة وذلك ﻷ‌ن التعليم معني بالتعلم الذي يحدث تغير في السلوك. لذلك فإن المؤسسات التعليمية، وتحديداً المدارس، تعتبر حاضنات للثقافة في المجتمع مما يجعل لها تأثير مباشر على فكر وسلوك أفراد المجتمع فكلما كنت الثقافة راقية أصبح فكر وسلوك اﻷ‌فراد في المجتمع راقياً.

بكل صراحة أقولها للكل بأن نظام التعليم في الكويت تقليدي وﻻ‌ يلبي الطموح بل أن نظام التعليم وتحديداً في مدارس التعليم العام الحكومية يعتبر تعليم غير جيد بل أن مخرجاته متدنية كنتيجة لنظام تعليم تقليدي ذو جودة متدنية. ومن هنا يأتي في ذهني مقولة الدكتور أحمد الربعي ( رحمة الله عليه ) حيث أشار للخلل في نظام التعليم وهو أن 'الهرم التعليمي مقلوب'. هذه العبارة فعﻼ‌ً صحيحة من الناحية العملية و العلمية إبتدأً من التخطيط إلى الممارسات وانتهاء ً بمخرجات التعليم.

اليوم ﻻ‌ أستثني أحد من اﻻ‌نتقاد بما فيها القيادات في المدارس إلى اﻹ‌دارات التعليمية وكذلك في قطاعات التعليم في وزارة التربية باﻹ‌ضافة إلى أعضاء اللجنة التعليمية في مجلس اﻷ‌مة. لذلك نحن جميعاً كمواطنين كويتيون وكذلك كمتخصصين في التربية والتعليم وكأولياء أمور طلبة يتعلمون في المدارس الحكومية لنا الحق بأن نعرف إلى أين سينتهي التعليم بأبنائنا وكيف سيكون شكل أجيال المستقبل كأحد أهم المقومات اﻷ‌ساسية في الدولة  للنهوض بعجلة التنمية ولتحقيق مزيد من التقدم و اﻻ‌زدهار في دولة الكويت .

هنا بعض العناصر المهمة محل التساؤل وهي عبارة عن مواضع الخلل في منظومة التعليم العام في دولة الكويت، وأهمها التالي :
 
أوﻻ‌ً : من خﻼ‌ل ما تم نشره في وسائل اﻹ‌عﻼ‌م وصرح به قيادات وزارة التربية في دولة الكويت حول موضوع مشاركة عينة من طلبة مدارس التعليم العام الحكومية في اﻻ‌ختبارات المعيارية العالمية مثل ( بيزة ، تيمز ، بيرلز ). لذلك سألت نفسي عدة مرات ولم أجد اﻹ‌جابة المرضية، ولكن أتمنى أن يجاوب عليها قيادات وزارة التربية خصوصاً وأن وزارة التربية تتعامل مع هذه المعلومات وكأنها معلومات سرية لها عﻼ‌قة بأمن الدولة أو استثماراتها أو اﻻ‌حتياطيات المستقبلية للدولة. علماً بأن هذه المعلومات لها عﻼ‌قة بنظام ومستوى التعليم لذلك من المفترض أن تكون منشورة للعامة من أفراد الشعب الكويتي للوقوف على أوجه القصور المؤدية ﻷ‌سباب تدني مستوى التعليم ومخرجاته في دولة الكويت، ما عدا ذلك فأنني أرى أنها تستر من أجل الحفاظ على كراسي البعض منهم. لذلك يحب عليهم جميعاً بوزارة التربية أن يدركوا حجم وأهمية وتأثير هذه اﻷ‌سئلة :
 (أ) ما هو الترتيب النهائي لدولة الكويت فيما يتعلق بالمجاﻻ‌ت التعليمية كالمهارات المعرفية والتحصيل التعليمي في مدارس التعليم العام الحكومية؟
(ب) ما هو ترتيب دولة الكويت في هذه اﻻ‌ختبارات فيما يتعلق بمؤشرات القراءة والرياضيات و العلوم لقياس مجال المهارات المعرفية في مدارس التعليم العام الحكومية؟
(ج) ما هو ترتيب دولة الكويت في هذه اﻻ‌ختبارات فيما يتعلق بمعدﻻ‌ت التخرج وكذلك القراءة و الكتابة كمؤشرات لقياس مجال التحصيل التعليمي في مدارس التعليم العام الحكومية؟
 
ثانياً: المناهج في مدارس التعليم العام الحكومية: نحن نسمع كثيرا بتطوير المناهج ولكن هل هذه المناهج فعﻼ‌ تلبي احتياجات الدولة بحيث تتناسب مع أهداف خطط التطوير أو اﻹ‌صﻼ‌ح للمدارس في التعليم العام الحكومي في الكويت؟ الكل يعرف خصوصاً المتخصصين في المجال التربوي و التعليمي بأن مناهجنا ﻻ‌ تتماشى مع اﻷ‌سس العلمية الصحيحة لبناء وتطوير المناهج بل أننا ﻻ‌ نرى ما إذا كانت المناهج فعﻼ‌ تحتوي على المركبات وعناصرها اﻷ‌ساسية للمنهج! لذلك سأوجه اﻷ‌سئلة التاليه:
1- هل المناهج الحالية تحتوي علي المركبات والعناصر المتبعة في تصميم أي منهج تعليمي؟
2- ما هي المركبات وما هي عناصرها لكل منهج لدى وزارة التربية؟
3- هل المناهج التي وضعت تتوافق مع المعايير العالمية؟
4- هل تم وضع معايير وطنية للتعليم لكي يتم تصميم مناهج تحقق اﻷ‌هداف التعليمية لدولة الكويت وبحيث تكون مرتبطة مباشرة بهذه المعايير الوطنية لﻺ‌نتقال بمستوى نظام تعليمنا إلى العالمية؟
5- هل المناهج ترسخ اﻹ‌بداع و اﻻ‌بتكار لكي يكون لدينا جيل مبدع ومبتكر قادر على حل المشكﻼ‌ت واﻹ‌نجاز بأسلوب علمي صحيح؟
 
ثالثاً: مخرجات التعلم هي أحد أهم العوامل التي تشير إلى مستوى وجودة نظام التعليم في أي دولة. بكل اختصار وتوضيحا للقراء غير المتخصصين في التعليم إن 'مخرجات التعليم هي نتائج دقيقة تشير إلى مدى تحقيق اﻷ‌هداف التعليمية لكل منهج في أي مرحلة تعليمية. ومن هذا الباب أود أن أسأل قيادات وزارة التربية عدة أسئلة وذلك للتفكر واﻹ‌جابة على اﻵ‌تي:
1. ما هي مخرجات التعلم لكل منهج تعليمي في مدارس التعليم العام الحكومية؟
2. ما هي مخرجات التعلم لكل مرحلة تعليمية في مدارس التعليم العام الحكومية؟
3. ما هي مخرجات التعلم لكل المراحل التعليمية من رياض اﻷ‌طفال إلى مرحلة الثاني عشر في مدارس التعليم العام الحكومية؟
4. ما هي الخطط اﻹ‌ستراتيجية لتحسين مخرجات التعليم لكل منهج ومرحلة تعليمية؟
5. كيف يتم قياس أداء المعلمين فيما يتعلق بتحقيق اﻷ‌هداف التعليمية لكل منهج ومرحلة تعليمية؟
6. هل تم تحديد مستويات المدارس من حيث اﻷ‌فضل إلى المتدنية للوقوف على اﻷ‌سباب ووضع الحلول لﻼ‌رتقاء بالعملية التعليمية في مدارس التعليم العام الحكومية؟
 
رابعاً: انتشار ظاهرة الغياب عند الطلبة و المعلمين. هذه مشكلة حقيقية في مدارسنا الحكومية، خصوصاً وان هناك عﻼ‌قة إيجابية ما بين الحضور و التحصيل العلمي للطلبة، لذلك استغرب من أن وزارة التربية ﻻ‌ تتحرك لحل هذه المشكلة التي لها تأثير على التحصيل العلمي للطلبة بشكل مباشر. نعلم جميعنا بأن نسبة الغياب تزداد في المدارس خصوصاً خﻼ‌ل اﻷ‌يام غير اﻻ‌عتيادية قبل وبعد المناسبات الوطنية و الظروف المناخية مثل الغبار و البرد و المطر، لذلك على وزارة التربية أن تجيب على التساؤﻻ‌ت التاليه:
1- ما هي نسبة الغياب بشكل يومي وسنوي في مدارس التعليم العام الحكومية؟
2- ما هي الخطط التعليمية المستخدمة للتعامل مع زيادة غياب الطلبة في المدارس (وهنا أعنى كل ما هو ضمن المنظور التعليمي وليس القانوني فقط ) ؟
3- هل تم وضع نظام تعليمي بديل يتضمن استمرارية التعليم في حال غياب الطلبة أو المعلمين ؟
 
التعليم ليس فيه مجاملة إطﻼ‌قا، لذلك يجب على الحكومة أوﻻ‌ متمثلة في وزارة التربية ومن ثم اللجنة التعليمية في مجلس اﻷ‌مة أن تعي بأن الشعب الكويتي اﻵ‌ن ليس كالسابق خصوصاً من الناحية العلمية و الثقافية فاﻷ‌غلبية متعلم ولديه مؤهﻼ‌ت علمية لذلك يطمح بأن يرى أبناءه يتعلمون بأفضل نظام تعليمي يتوافق مع التطور العلمي و التعليمي العالمي في القرن الواحد والعشرين، بل يجب أن يكون نظام التعليم في الكويت يتوافق مع حجم اﻹ‌نفاق المالي على التعليم في الدولة، فليس من الممكن قبول نظام تعليم تقليدي يؤدي إلى مخرجات متدنية في ظل الميزانية الكبيرة الموضوعه للتعليم في دولة الكويت.

أخيراً، أتمنى تعديل الهرم المقلوب في نظامنا التعليمي وإصﻼ‌ح المدارس ومن ثم الحرص على استمرارية تحسين جودة التعليم ومخرجاته في دولة الكويت الحبيبة.
 
 بقلم/ د. زيد الشمري

الآن- رأي: د. زيد الشمري

تعليقات

اكتب تعليقك