محطاتنا العربية التي أخذت على نفسها حصرياً تفريغ رمضان من محتواه، وإهدار وقت الصائم!..مقالة عبد الرحمن الجميعان

زاوية الكتاب

كتب 507 مشاهدات 0





حصرياً... تفريغ رمضان من محتواه!
عبد الرحمن الجميعان 

 
 
ما ان يقترب رمضان شهر الصوم، الا وتتحول المحطات العربية الى محطات عروض، وإغراءات وسباق محموم في عرض ما عندها من برامج وبخاصة التمثيليات!

وليت الأمر، فيما يعرض، يختص بتنمية الجوانب الروحية الفكرية والذاتية، لكان الأمر هيناً، ولكن ما يعرض وما نراه هو تحطيم لجانب مهم في هذا الشهر، تضييع وقت الصائم فيما يضرّه ولا ينفعه، فبدلاً من ان يكون التفاته وحديثه وفعله هو الاهتمام بالصيام والايمان وغيرهما من الجوانب المهمة، كقراءة القرآن والعيش معه، يكون نهجه وحركته في متابعة ما يستجد من مسلسلات وبرامج.

ما من شك ان الترويح في ديننا أمر مطلوب، وقد كان النبي(صلى الله عليه وسلم) يمزح ويضحك، ويضفي روح اللهو البريء على الناس وبخاصة الأطفال، ولكنّ هناك أياما وأوقاتا لا ينبغي فيها الا الجد الصارم، والحزم الحاسم، والهروب والفرار الى الله، وهي مواسم ونفحات في أيام من بعض شهور السنة، ويأتي شهر رمضان بما فيه من فضيلة وخير، وخصوصية نزول القرآن في مقدمة هذه الأزمان التي تأتي في النفحات الكبرى، ففيه ليلة القدر، التي هي أفضل الليالي، وفيها سورة باسمها (سورة القدر).. وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) «اقرأوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»، وفي حديث آخر، «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه، يتلون كتاب اللَّه، ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده»، فهنا في رمضان على أي شيء يجتمع الناس في كثير من البيوت وفي كثير من الديوانيات؟! أليس في هذا مضيعة لوقت الصائم، واهدار لأنفس لحظات عمره التي يحتاجها غداً في يوم العرض؟! أم ان حياتنا أصبحت لا قيمة لها، بحيث نستهين بعذاب الله تعالى ولا نخشى من فوات الخير ونسعى الى تضييع حسناتنا بأيدينا!

والأمر في رمضان سهل يسير ميسّر(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قرأ حرفاً من كتاب الله عز وجل فله عشر حسنات، أما انني لا أقول «ألم» حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)... فالحرف بعشر حسنات، والحسنة بعشرة أمثالها، فهل نستطيع حساب هذه الحسنات لمن يقرأ في كتاب الله، وكم من الحروف في الآية الواحدة؟ أليس من يهمل الكتاب في هذا الشهر الفضيل مفرطا ومضيعا لحسناته وعمره!

ولو نظرنا لقلنا ان السبب الكبير في تضييع هذه الأوقات وهدر اللحظات وتضييع أوقات الناس في التافه والرديء هي محطاتنا العربية التي أخذت على نفسها حصرياً تفريغ رمضان من محتواه، وإهدار وقت الصائم!
 
 
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك