عن الأزمة في الكويت - يكتب علي الطراح

زاوية الكتاب

نحتاج تجديد العقد الإجتماعي وتعديل الدستور ومراجعة مواده

كتب 1290 مشاهدات 0


نحن ندرك أن لغة النفاق والرياء لها صداها، وهي اليوم تسيطر على مسارات كثيرة، إلا أننا كذلك نعي حرص صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على إحداث نقلة نوعية للكويت، كما نعرف حرصه الدائم على الاحتكام للدستور وسيادة دولة القانون. ومن هذا الحرص ننقل كلمة صادقة لعلها تجد طريقها ويعمل الجميع على إخراج الكويت من دوامة الأزمات.

ونحن في انتظار الرئيس الفرنسي، وبحضور سمو الأمير عبدالعزيز بن عبدالله آل سعود نائب وزير الخارجية السعودي، لافتتاح معرض الحج الذي أقيم في معهد العالم العربي، كان حديثي مع أحد الدبلوماسيين من الشقيقة مملكة البحرين بأن دول الخليج العربي مترابطة، وأن أي تغير في إحداها له تداعياته، وأننا لا نملك سوى التفاهم والمكاشفة، خصوصاً أن رغبة التحديث والتجديد جاءت من رئيس السلطة في البحرين. فرغبة التحديث يتقاسمها الحاكم والمحكوم، وهي ميزة تجب الإشادة بها في ظل أوضاع دولية وإقليمية متفاقمة ومتفجرة.

ولا نعتقد أن من الحكمة أن ننكر وجود أزمة في الكويت، وهي اليوم تظهر لنا بأشكال مختلفة إلا أن مصدرها واحد، وهي ليست بأزمة سببها طرف من الأطراف بقدر ما هي نتيجة لتراكمات لأطراف متعددة يشترك فيها مجلس الأمة والسلطة التنفيذية، ولا مفر من مواجهتها ضمن آليات جديدة تعيد الاستقرار للبلاد. وقد كان دائماً القول يتجه نحو ملامة أعضاء محددين كمصدر للأزمة، ولكن اليوم نحن ندرك أن الأزمة مستمرة بغياب هؤلاء مما يعني أن الخلاص ما زال بعيد المنال، وأن الشفافية مطلوبة في الظروف الحالكة التي تحيط بنا.

إن الأزمة تختبئ في الانقسام الاجتماعي الذي سيطر على البلد وعاد علامة واضحة لا مجال لإنكارها، والحاجة ماسة إلى عقد اجتماعي جديد يعيد إحياء الديمقراطية بمفهومها البناء وليس لكسر عظام أي طرف من أطراف الصراع، فالتوافق هو الطريق للجميع نحو وضع يضمن لنا الأمن والأمان، ويحقق مصالح العامة من الناس وليس شريحة بذاتها، وبعيداً عن الفئوية والاحتكار لخيرات البلاد. فاليوم لدينا مجلس أمة جاء بطريقة قانونية وبأغلبية حكومية، إلا أن الوضع استمر على ما هو عليه، وإن التوتر بين السلطتين حافظ على وجوده مما يعني أن الأزمة ما زالت باقية، وإن تغير المجلس أو تغيرت الحكومات، طالما المعالجة ناقصة لمسبباتها.

فالمراجعة للدستور ليست بالأمر المعيب، والتغير ليس بمشكلة طالما اتفقت الأطراف على ذلك، كما أن إعادة النظر في المؤسسات الدستورية والعمل على إيجاد توازن من خلال قيام غرفة ثالثة تعمل على ضبط التوازن ليس هو أيضاً بالأمر المعيب، حيث يأخذ كثير من الديمقراطيات بهذا الأسلوب، إضافة إلى زيادة عدد أعضاء البرلمان بعد مضي عقود على دستور 62.

ومن الخطأ الاعتقاد بأن الثنائية المتمثلة في مؤسسة القبيلة والمؤسسة الدينية تضمن الشرعية وحدها كما كانت في السابق، فاليوم لدينا عالم يتغير فيه كل شيء، ودون الخوض في التفاصيل، ويبقى الاعتراف بقوة التغير الاجتماعي هو الكلمة الفصل والمستقبل للخروج من الأزمة. فالشباب الذي يشكل أكثر من 60 في المئة من السكان بشقيه المديني أو القبلي، هم عماد المستقبل، ولا يمكننا أن نتجاهل أي مكون من هؤلاء، خصوصاً أن شباب القبائل هم اليوم في الصدارة في تعليمهم، وهم يشكلون أرجحية في حجمهم، ويجب علينا أن نفهم هذا البعد وألا نذهب بعيداً في تحليلات هدفها الإقصاء لأي مكون من مكونات المجتمع.

الآن - الإتحاد - مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك