خليل حيدر يلفت النظر إلى الجهد الإيراني في وضع القواميس العربية
زاوية الكتابكتب إبريل 9, 2014, 1:15 ص 1292 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / قواميس إيران.. العربية
خليل علي حيدر
كانت لمثقفي ايران وأدبائها ولا تزال، عادة حميدة وهمة لا مثيل لها، في مجال الترجمة للغة العربية، بما في ذلك ترجمة القواميس والمعاجم! فما ان يجدوا قاموسا عربيا واسعاً او حتى محدود التداول، حتى يبادروا بترجمة الكتاب مهما كان حجمه.. الى اللغة الفارسية.
ولك ان تتصور الجهد والمعاناة في مشروع فكري لغوي كهذا، بكل الدقة المطلوبة في ترجمة القواميس وما تملى على المترجم من الاناة والحرص، والمراجعة والمقارنة. ولكن بعض المترجمين الايرانيين، ممن كرسوا أنفسهم للعطاء الثقافي، يقومون مشكورين بكل هذا العمل الجبار الذي يخدم الادبين والثقافتين واللغتين العربية والفارسية، وتتجاوز فوائدها ايران نفسها الى دول تنتشر فيها هذه اللغة مثل افغانستان وتاجيكستان واماكن اخرى.
من نماذج هذا الجهد الذي يستحق الاشادة، وربما بعض الجوائز الثقافية الخليجية والعربية ترجمة كاملة لقاموس «المنجد» في مجلدين، 19406 صفحة، وتمت الترجمة عام 1989، ونشر القاموس الضخم بعنوان «فرهنك مبين» للمترجم قاسم بوستاني، من منشورات مؤسسة «انتشارات فقيه» في طهران.
اما القاموس اللغوي الثاني الذي أمضى د.رضا انزابي نجاد في ترجمته قرابة عشر سنوات، فهو قاموس «الرائد»، من تأليف «جبران مسعود». وقد ظهرت ترجمة القاموس الفارسية في مدينة مشهد وطبع القاموس طبعة ثانية عام 1997، وهو كذلك منشور في مجلدين، و1905 صفحة. فكل قاموس منهما، اي «قاموس المنجد» و«الرائد» يقع في قرابة 2000 صفحة.
والترجمتان ليستا حرفيتين، حيث جرى حذف بعض الكلمات والاستخدامات اللغوية المهجورة الصعبة والنادرة الاستعمال، كما فعلت ادارة قاموس المنجد نفسها لاحقا، عندما قامت باصدار نسخة حديثة من القاموس بعنوان «المنجد في اللغة العربية المعاصرة» وظهرت طبعته الثانية سنة 2001 عن دار المشرق ببيروت وجاء في مقدمة هذا القاموس الجديد: ان «انفتاح العالم العربي على الحضارات الغربية، والانطلاقة الرائعة التي عرفها الادب العربي الحديث في القرن العشرين، دفعا الادباء والعلماء في بلاد العرب الى ابتكار الكثير من المفردات الجديدة، وكانا اهم من ان نكتفي اليوم معها بالتحسين والاضافات. فكان لابد من أن نضع، الى جانب «المنجد في اللغة» الذي يبقى في خدمة الذين يهتمون بالادب واللغة القديمتين، منجداً حديثاً، اسميناه «المنجد في اللغة العربية المعاصرة»، يضم جميع المفردات والعبارات التي يحتاج اليها مثقف القرن الحادي والعشرين، حتى المأخوذة من اصل غير عربي». ويقع هذا «المنجد» المعاصر في 1642 صفحة.
واهتم بعض المترجمين الايرانيين كذلك بالقواميس العربية التي وضعها المستشرقون! ومن افضل هذه القواميس المترجمة «فرهنك معاصر»، القائم على قاموس اللغوي الألماني، Hans Wehr الذي ظهر بالانجليزية عام 1961 بعنوان: A Dictionary of modern written arabic وكان «هانز وير» الألماني قد جمع مفردات الكتاب من مؤلفات طه حسين وتوفيق الحكيم ومحمد تيمور والمنفلوطي وجبران خليل جبران وامين الريحاني، ومن المجلات والصحف العربية والكتب الدراسية المصرية ودول عربية اخرى.. إلخ.
والقاموس العربي الفارسي «فرهنك معاصر» القائم على القاموس العربي الألماني هذا، ثم العربي الانجليزي الذي وضعه «هانز وير»، قام بترجمته لغوي ايراني قدير، هو «آذرتاش آذرنوش»، وظهرت طبعته التاسعة في طهران عام 2008 عن مؤسسة «نشر – ني».
وفي مقدمة هذا المعجم القيم، الواقع في 804 صفحات، اشارة تفصيلية الى القواميس العربية - الفارسية عبر التاريخ. ويقول المؤلف نفسه «آذر تاش آذرنوش»، ان وضع القواميس بين هاتين اللغتين قد بدأ في القرن الخامس الهجري، وظهرت منذ ذلك الوقت قبل العصور الحديثة قواميس كثيرة بلغ عددها نحو 150 قاموساً،، بموجب دراسة في كتاب على نقي منزوي «القواميس العربية الفارسية».
وقد ظهر خلال القرن العشرين والقرن الحالي أكثر من عشرين معجما عربيا – فارسيا، منها «ملخص المنجد»، 1951 لمحمد علي خليل، «وفرهنك روز» لكمال موسوي 1964، و«منتخب اللغات» لعبد الرشيد مدني في العام نفسه، و«فرهنك نوين» - ترجمة «القاموس العصري» لإلياس انطون الياس، تحت اشراف سيد مصطفى طبطبائي 1969، و«منجد الطلاب» لمحمد بندر ريكي 1981، وغير ذلك.
ان بعض هذه القواميس قد وضعت على عجل بلا شك استجابة لحاجة السوق والعلاقات المتنامية بين اللغتين وبين ايران والعالم العربي. غير ان العديد منها قواميس ومعاجم قيمة، وأعمال أدبية يستحق أصحابها كل الثناء والتقدير والجوائز التشجيعية، والى هذا الجهد نلفت أنظار المؤسسات الثقافية العربية.
تعليقات