مشكلة الكويت أن المواطن يستهلك ولا ينتج.. برأي الدعيج

القبس

الكويت لا تحتاج دماً.. تحتاج عرقاً

عبد اللطيف الدعيج

الا يجد احد غريبا ان يحصر المعنيون بالدخل الوطني وعجز الميزانية القادم اهتمامهم وحلولهم في غير مكانها الصحيح؟ وبعيداً جداً عن الاسباب والعوامل التي أدت أو ستؤدي الى هذا العجز. بكلام فصيح وبلا لف أو دوران، سبب العجز هو بند الرواتب والاجور، يليه بند الدعم وما تنفقه الدولة على خدمات لا تستوفي الثمن الحقيقي لها، وفي بعض الحالات لا تستوفي شيئا على الاطلاق.

هذه هي الاسباب، وهي باختصار تنحصر في ان المواطن الكويتي لا ينتج، ولكنه يستهلك، ويستهلك بشراهة أيضاً، لان الغالب من خدمات او مواد مدعوم ومتوافر بأسعار رخيصة تتحملها ميزانية الدولة.

الذين لا يتجرأون على إدانة المواطن الكويتي أو الاشارة اليه، يقترحون أو هم يعللون العجز في التبذير الحكومي وفي الصرف غير المسؤول. ويأملون انه بقليل من التقتير أو التوفير سيحققون مداخيل اضافية تكفي لصمود الميزانية بعض الوقت.. هؤلاء مساكين ومعذورون.. فمصارحة المواطن بانه العلة والسبب قاسية (وماكو الا دفش مثلي مهيأ لها). لكن هناك أبالسة وشياطين يروجون الاكاذيب، ويدعون ان سبب العجز هو فساد السلطة، وهو استيلاء بعض المواطنين «التجار بالطبع» على الدخل! هؤلاء لا يبرئون المواطنين فقط، ولو فعلوا لهان الامر، ولكنهم يدعون ان المواطن لا يزال معدوماً وذا دخل محدود يجب تنميته وزيادته، اي لابد من مزيد من الصرف والمنح والهبات للمواطن المسكين.

هذا اللف والدوران من قبل الساسة والحالمين بالنفوذ والقوة مقبول، لكنه ليس مقبولاً من قبل الناس الطيبين أو المختصين، الذين يخدعون المواطن ويشجعونه على المزيد من التبذير والاسراف خشية مصارحته وعرض الحقيقة المؤلمة أمامه.

ان المواطن هنا هو سبب «العجز». أو هو المبذر والمسرف الوحيد. ومشكلة الكويت الاساسية ان الانسان فيها يعتمد على النفط وعلى «استخراجه»، وليس إنتاجه للصرف والانفاق. ومن دون ايجاد مصادر بديلة عن استخراج النفط، او من دون دفع المواطن للعمل والانتاج، بحيث تعود الدولة للاعتماد على المواطن وليس على النفط لتحقيق الدخل ودعم الميزانية، من دون هذا فان التقتير او التوفير او القاء اللوم على الفساد لن يمنع القدر المحتوم. اي ان المطلوب من الذين يتغنون بحب الكويت واستعدادهم لبذل الغالي والرخيص من أجلها أن يوفروا الرخيص ويعطونا بعضا من الجهد والتعب.