يوسف الشهاب يرفض مقايضة الديون الكويتية لدى العراق بالمياه ، ويروى القصة التاريخية منذ أيام الشيخ عبدالله السالم للحصول على مياه شط العرب مقابل تأجير ميناء ام قصر الكويتي للعراق

زاوية الكتاب

كتب 872 مشاهدات 0





شرباكة 
خذوا «شطكم».. وهاتوا فلوسنا 

كتب يوسف الشهاب : 


حكاية.. او.. سالفة.. جبل المياه من شط العرب الى الكويت ليست وليدة اليوم أو هي امرا طارئ الظهور استوجب الحديث فيه – الديون الكويتية على العراق – ومسألة المقايضة بين اعادة الديون او مياه شط العرب.. ليكون كل جانب متعادلا في حقوقه. فالقضية يعود تاريخها الى الخمسينات، وناقشها مجلس الانشاء وفق جدول اعماله الموجود في السجلات الوثائقية الكويتية، وقبل ذلك كانت هذه المسألة محط اهتمام الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه، في الخمسينات واوائل الستينات، وقد جرت مفاوضات بين البلدين كما يروي الدكتور احمد الخطيب في كتابه – على اساس اعداد مشروع اتفاقية جلب مياه شط العرب بمقدار مليون غالون يوميا للكويت مقابل تأجير ميناء ام قصر الكويتي للعراق وسميت الاتفاقية بـ«اتفاقية ام قصر»، وكانت الخلاصة او الزبدة فيها ان تستأجر الكويت الاراضي العراقية التي يمر فيها انبوب المياه بمبلغ دينار واحد سنويا – يا بلاش – ولمدة 99 سنة، وفي المقابل يستأجر العراق ميناء ام قصر الكويتي لمدة 99 سنة بدينار واحد – مو يا بلاش – بعد ذلك، دعا الشيخ عبدالله السالم بعض رجالات الكويت آنذاك للاجتماع لمناقشة هذه الاتفاقية ومعرفة رأيهم، وبالفعل عقد الاجتماع في مدرسة الصديق واتفقوا على تأييد هذه الاتفاقية ورفعها الى المجلس الاعلى الذي اجتمع لاتخاذ القرار النهائي بالاتفاقية، وكانت النتيجة رفض المجلس الاعلى للاتفاقية على ان تقوم الحكومة ببناء محطات تقطير لمياه البحر. ويقول الدكتور الخطيب: انه لاول مرة يوقع اعضاء المجلس الاعلى على المحضر وعلى غير عادته، بعدها راجع المجلس الاعلى موقفه من الرفض ثم قرر في 22 مايو 1956 بأن ما طرحه العراق بشأن تبادل الاستفادة من المياه للكويت وميناء ام قصر الكويتي للعراق وبصفة التأجير السنوي هو عرض مناسب اذا نفذ بحذافيره بعد توقيع الاتفاقية ومباشرة تمديد الانابيب، بحيث يطمئن الجانب الكويتي الى انه لن يحصل في ما بعد وطوال سريان الاتفاقية اي اخلال او تعطيل من جانب العراق لاي بند من بنود الاتفاقية، ومع ذلك لم تنفذ هذه الاتفاقية، ويبدو ان ذلك يعود الى رفض عامة الكويتيين لها خوفا من النتائج التي قد تتعرض لها الكويت في اي لحظة تستدعي ايقاف او قطع هذه المياه في الكويت، والحمد لله ان الاتفاقية لم تنفذ والا لكان مصيرنا في مسألة المياه اليوم مرهون في مزاج العراق، وبعدها «روح شوف لك قطرة ماء من صحراء الكويت بالصيف».
ما يتردد أخيرا حول اسقاط الديون الكويتية عن العراق مقابل ان يتكرم علينا القطر الشقيق بقطرات مياه من شط العرب عبر أنابيب بين البلدين هو كلام مأخوذ خيره، وليس بجديد في جانب جلب هذه المياه، فالديون الكويتية لا تحتاج إلى مقايضة مع المياه، لانها حقٌ كويتي دُفع للعراق والبعض الآخر منه جاء بأسباب الغزو، وهي ديون خضعت لقرارات دولية وما على العراق سوى دفعها لأنها حق وواجب عليه ان يدفعه وليست مرتبطة بأي كميات من المياه، ويكفي ان الكويت منذ الستينات وهي تدفع من القروض والمساعدات المالية للعراق والنتيجة «اقبض من دبش» بل ولم تحصل حتى على كلمة «ما قصرتوا يا أهل الكويت»، وما الثلاثون مليون دينار التي تحققت في الستينات ببعيدة عن اذهان الذين عاصروها في تلك الفترة من رجالات الكويت.
يروي احد سفراء الكويت في العراق ذات مرة انه حضر احدى الحفلات الوطنية لاحدى السفارات العربية وقابل شخصية عراقية اجتماعية وسياسية في آن واحد، فسألته الشخصية العراقية عن محادثات جلب المياه للكويت من شط العرب، فأجاب السفير: ان الامور تسير على ما ينبغي لها ان تسير والنتائج ستكون جيدة ان شاء الله وقريبة التنفيذ، هنا ضحكت الشخصية العراقية وقالت للسفير: «عيني أبوفلان انك تصدق جماعتنا ينطونكم ماي» بالطبع استغرب السفير هذا الكلام لكنه حاول اقناع الشخصية العراقية باستمرار المحادثات للوصول الى الاتفاق حول المياه، لكن الشخصية العراقية لم تتأخر بالقول «سعادة السفير ماي الشط ما راح ينطونكم منه» هذا الحديث كان منذ اكثر من ثلاثين عاما، وحتى اليوم الماء لم يصل ولن يصل، ولذا فما على الكويت إلا المطالبة بالديون على العراق خاصة وانه قادر على الدفع، ويكفي ان الفوائض لديه هذا العام 79 مليار دينار، وأظن ان كل هذا المبلغ يمكن للعراق أن يدفع منه. ولا أظن اننا سنكون أكرم من اليابان التي قالت: «إن العراق قادر على دفع ما عليه لليابان من ديون ولن نتنازل عن حقوقنا»، ونحن أيضاً نريد أموالنا ولا نقول لأهل العراق سوى «خذوا شطكم وهاتوا فلوسنا وبس».

• نغزة
الذين يطالبون هذه الأيام بإسقاط الديون الكويتية عن العراق عليهم أن يدفعوا لنا من جيوبهم إذا كان الأمر مهما لهم وإلا فما نريد منهم إلا السكوت لأنه من ذهب، وفلوس الكويت للكويت لأن زيتون العرب لم يصبح حتى اليوم للعرب، طال عمرك.

يوسف الشهاب

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك