عمار تقي حول قيام حرب أمريكية-إيرانية

زاوية الكتاب

كتب 488 مشاهدات 0


هل تقدم واشنطن على توجيه ضربة عسكرية لإيران؟ تناول العديد من الخبراء والمراقبين مسألة توجيه ضربة عسكرية أميركية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بالاستناد إلى مسألة تزايد الضغوط الدولية التي تقودها واشنطن على طهران، بالإضافة إلى حجم القوات العسكرية الأميركية المتمركزة في منطقة الخليج والتي في تزايد مستمر! وتحدث الكثيرون عن أن الضربة الأميركية «المتوقعة» ستكون سريعة وخاطفة ومركزة من خلال اعتمادها على قصف جوي وصاروخي يستهدف المنشآت النووية والقدرة العسكرية الإيرانية، وبالتالي تصاب إيران بالشلل التام الذي لا تستطيع على إثره الرد على الهجوم الأميركي، الأمر الذي يتيح لواشنطن تحقيق نصر مؤزر على طهران، من باب أن أميركا إذا أرادت شيئا فإنها تقل له كن فيكون! لكن، قليلون هم الذين يتحدثون عن ردود إيران على العدوان الأميركي في حال نشبت الحرب، وكيف أن إيران من خلال الأوراق العديدة التي تمتلكها، تستطيع أن تقلب المعادلة رأساً على عقب! في هذا المقال سنحاول استعراض مجموعة من الآراء التي تناولت الردود الإيرانية المتوقعة في حال أقدمت أميركا على توجيه ضربة عسكرية لإيران، وكيف سيكون حال المنطقة في ما لو أقدمت واشنطن على مثل هذه الحماقة؟ يوشكا فيشر، وزير خارجية ألمانيا السابق، كتب مقالاً استعرض فيه العواقب المتوقعة في حال أقدمت واشنطن على شن هجوم عسكري على طهران، جاء فيه: «قد تكون قوة أميركا كافية للبدء في حرب ضد إيران، إلا أن هذه القوة لا تكفي لإحراز النصر في هذه الحرب»! وأضاف فيشر: «فضلا عن ذلك فان العواقب المترتبة على خوض مغامرة عسكرية في إيران قد تفوق إلى حد كبير العواقب التي أسفرت عنها الحرب في العراق. والحقيقة أن التورط في خوض مغامرة عسكرية على إيران سيترتب عليها عواقب وخيمة بالنسبة للمنطقة ولسوف تكون أوروبا هي أول من يتحمل هذه العواقب»! أما بول بيلر، الكاتب الأميركي وأستاذ القانون في جامعة بوسطن، فأشار إلى أن قيام واشنطن بشن حرب على إيران سيتسبب في قتل آلاف الأميركيين! يقول بيلر «سيناريو أسوأ حالة الذي يمكن أن يتمخض عن حدوث مواجهة أميركية- إيرانية مخيف للغاية، إذ يمكن لآلاف الأميركيين أن يلقوا حتفهم جراء العمليات الانتقامية، أو جراء اتساع نطاق الحرب في منطقة الخليج، كما يمكن لسعر النفط أن يتجاوز سعر الـ 150 دولاراً للبرميل، مما يسبب كارثة عالمية»! من جانبه، أعد مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية دراسة مفصلة عن احتمالات المواجهة العسكرية مع إيران، تناول فيها عواقب الإقدام على مثل هذه الخطوة خصوصاً على منطقة الخليج، إذ جاء في الدراسة: «في حال المبادرة إلى شن هجوم ضد إيران، سوف تتجه طهران إلى الرد بقصف السفن الأميركية في الخليج، أي تحويل ميدان المعركة من الساحة الإيرانية إلى الساحة الخليجية. فالهجوم على إيران لا يمكن اعتباره مجرد نزهة عسكرية، فهي تمتلك قوة عسكرية تستطيع إنزال خسائر مؤلمة بالقوات والمصالح الأميركية في المنطقة، يساعدها على ذلك حيازتها لصواريخ ذاتية الدفع قادرة على ضرب القواعد العسكرية الأميركية في الخليج». ومضت الدراسة بالقول: «إن منطقة الخليج ستكون الضحية الأولى لاندلاع تلك الحرب التي ستقضي على النهضة الاقتصادية الشاملة التي تتمتع بها دولها وخلقت من مدنها عواصم مالية عالمية، فضلاً عن مخاوف قيام طهران بخطوات انتقامية بقصف منشآت النفط الخليجية بما لا يعد كارثة اقتصادية للخليج وحده، وإنما للعالم اجمع»! بدورها، طرحت وكالة «نوفوستي» الإخبارية الروسية، عدداً من الأسئلة عن الخطوات التي قد تتخذها طهران كرد دفاعي على الهجوم الأميركي، إذ جاء في تقرير الوكالة: ماذا لو تمكنت إيران من وضع واشنطن في الزاوية الضيقة وهددت قواتها العسكرية في الخليج؟ وبات السؤال الطبيعي الآن ماذا لو دفعت إيران الولايات المتحدة إلى الزاوية الضيقة؟ إن إيران قادرة على نسف جميع خطوط ضخ النفط في الخليج وستحاصر مضيق هرمز وتنسف البواخر النفطية العملاقة هناك بحيث تغرقه بالنفط»! الآن دعونا نستعرض هذا السيناريو «المفترض» لساعات الحرب الأولى للكاتب الأميركي دوغلاس هيرمان الذي نشره على موقع «strike-the-root.com» وقام بترجمته الكاتب مجيد البرغوثي، وهو سيناريو ليس بالبعيد عن أرض الواقع في حال نشبت الحرب لا سمح الله! يقول هيرمان: «بدأت الحرب حسب المخطط: قبل أن تشرق الشمس فوق طهران، ضربت الصواريخ الأميركية أهدافها. وفي ما كانت طائرات الاستطلاع «أواكس» التابعة القوات الجوية الأميركية تحلق فوق طهران، لحقت بها قاذفات القنابل الثقيلة الأميركية بعد ذلك بدقائق. سقطت القنابل الخارقة للتحصينات والقنابل النووية الصغيرة على عشرات الأهداف، بينما كانت الصواريخ الإيرانية المضادة للطائرات تنطلق بسرعة. تم تدمير مفاعل بوشهر وتحول إلى رماد، كما تم ضرب موقع تخصيب اليورانيوم في ناتانز ومصنع الماء الثقيل في أراك ووحدة الوقود النووي في أردكان ومرفق تحويل اليورانيوم في أصفهان وتم تدمير مركز الأبحاث النووية في طهران، في وقت واحد بواسطة مجموعة طائرات أميركية وإسرائيلية»! وتابع هيرمان رسم سيناريو ساعات الحرب الأولى بالقول: «الآن حلقت الطائرات الإيرانية في مجموعات متفرقة وأطلقت من تلك الطائرات بعض الصواريخ. والمفاجأة كانت من فاعلية الصواريخ الإيرانية إذ بدأت الطائرات الأميركية والإسرائيلية تتساقط بأعداد كبيرة. في الساعة 7:35، دمر أول صاروخ إيراني ناقلة نفط بنمية كانت تغادر الخليج، ثم ضربت ناقلة نفط ثانية وثالثة. في الساعة 8:15 توقف مرور جميع السفن في الخليج. في الساعة 9:30 بدأت محطات البنزين الأميركية برفع أسعارها وبدأت حالة من الهلع والفوضى داخل أميركا. بعد ذلك هددت الصين واليابان بالاستغناء عن الدولار وارتفع الذهب إلى 120 دولار للأونصة وهبط سعر صرف الدولار للحضيض. في باكستان وأفغانستان أطاح انقلاب عنيف بالرئيسين المواليين لأميركا. في الساعة 2 ظهر الرئيس الأميركي وبدا مهزوزاً بعد أن أعلنت دول الخليج وقف إنتاج النفط. أما الرئيس الفنزويلي فأعلن من جهته عن تجميد عمليات تسليم النفط للولايات المتحدة. هنا كانت منطقة الشرق الأوسط تشهد اللحظات الأولى من اندلاع الحرب العالمية الثالثة»! كان هذا استعراض سريع للسيناريو المتوقع حدوثه في حال أقدمت الولايات المتحدة على شن ضربة عسكرية لإيران، وهو ما يقودنا إلى طرح التساؤل التالي: هل تدرك الإدارة الأميركية حقيقة أبعاد قيامها بمثل هذه المغامرة الجنونية؟ أي بمعنى آخر: هل تعي إدارة الرئيس بوش خطورة قيام حرب من هذا النوع مع إيران في ظل امتلاك الأخيرة لأوراق ضغط استراتيجية «عديدة» قد تصيب الإدارة الأميركية في مقتل؟ إن المتابع لسلوك الإدارة الأميركية الحالية يدرك أنه من غير المستبعد قيامها بمثل هذه الخطوة الكارثية، ولكن أعتقد أنه وفق الظروف الحالية في منطقة الشرق الأوسط بدأ من المستنقع الذي تعيشه القوات الأميركية في العراق، مروراً بالأحداث الدراماتيكية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية، وليس انتهاء بالوضع في لبنان، هذه العوامل الإقليمية كلها وغيرها من العوامل الدولية، ناهيك عن الوضع السياسي الداخلي في أميركا بعد سيطرة الديموقراطيين على مجلسي الشيخ والنواب، تشير إلى استبعاد فرضية توجيه ضربة عسكرية أميركية لإيران على المديين القريب والمتوسط في الوقت الراهن على الأقل، وهو ما يعزز من الرأي القائل بأن جل ما تقوم به الإدارة الأميركية من ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية يأتي تحت باب «الحرب النفسية» التي تقودها واشنطن ضد طهران ليس أكثر...والله أعلم! كاتب كويتي
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك