الخطر على الأبواب

زاوية الكتاب

مشاري العلوش يكتب عن تبعات قرار سحب السفراء من قطر

كتب 1157 مشاهدات 0


نعيش على مدى أكثر من 30 عاما على حلم واحد، سمعه، وآمن به وتمنى تحقيقه كل شخص من جيلنا ألا وهو حلم «خليجنا واحد».. فقد نشأنا منذ نعومة أظفارنا على وقع هذا الحلم، وازداد شغفنا به كلما تغنى فنانونا وشعراؤنا به.

وعلى مدى هذه العقود الثلاثة لم تنجح التقسيمات السياسية أو الحواجز السياسية في أن تمنعنا من انتظار تحقيق هذا الحلم، مع ما يجمعنا من عادات وتقاليد، وما يربط بيننا من وحدة الهدف والمصير.

عندما وقع الغزو الغاشم عام 1990، كان إخواننا في دول المجلس هم أول من دعمنا ووقف معنا وطالب بعودة شرعيتنا.. وخلال محنة الشهور السبعة عاش كثير من الكويتيين في السعودية وقطر والإمارات والبحرين وعمان، ولم يشعروا خلالها إلا بأنهم في بيوتهم وبين إخوانهم وأهلهم.

ومع مرور السنوات قطع مجلس «التعاون» شوطا كبيرا نحو الوحدة والتكامل والترابط.. ويوما بعد يوم، بدأت الحواجز السياسية تنكسر بين دول المجلس، ولم نعد بحاجة لجواز سفر كي نتنقل به بين حدودها، وتوحدت التعرفة الجمركية وترابطت الخدمات الصحية والتجارية والعمالية وتضاعفت المؤتمرات المشتركة وتلاشت الحدود الفاصلة.

وفي الوقت الذي اقتربنا فيه كثيرا من مرحلة التكامل التام عبر إعلان الاتحاد الخليجي، بدأت تطفو الخلافات على السطح، وبدلا من مواصلة المسيرة وجدنا الخلاف على مقر الاتحاد النقدي، ثم الخلاف على العملة الموحدة، ثم دب الخلاف الكبير على التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، إلا أن قادة دول التعاون تمكنوا بما لديهم من حكمة وبصيرة ورؤية سديدة من تجاوز هذه الخلافات والنأي بالشعوب الخليجية عن الشعور بها.

بعد أسابيع قليلة من الإعلان عن تحول مجلس التعاون إلى مرحلة الاتحاد خلال قمة الرياض المقبلة، فجعنا جميعا بقرار سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من دولة قطر، وجاء هذا القرار كالصاعقة علينا، فلمصلحة من هذا الانقسام؟ لمصلحة من تدمير حلم الاتحاد والتكامل بين دول المجلس؟ لمصلحة من ضياع حلم الوحدة الاقتصادية والعملة الموحدة؟ والأهم هو التساؤل عن صاحب المصلحة في توليد الخلافات والصراعات بين دولنا وشعوبنا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة؟

لا شك أن توحد دول مجلس التعاون وتحقيق التكامل بينها لا يتوافق مع مصالح الغرب، فالشرق الأوسط الجديد الذي صرحت به كوندوليزا رايس منذ عدة أعوام يقتضي حدوث المزيد من التفكك والانقسام وليس التوحد والالتئام.. ولم تكن أحداث «الربيع العربي» إلا خطوة نحو تقسيم المنطقة إلى دويلات متصارعة.

وها نحن نرى ما يحدث في السودان والعراق وسورية ولبنان... ونتابع الصراع المتواصل في اليمن والانقسام الكبير بين المصريين، والخلافات المختلقة بين دول المغرب العربي، والدمار المستمر في ليبيا، كلها أمور مخطط لها كي تبقى المنطقة خانعة لرغبات الدول العظمى، أسيرة لمخططاتها ومصالحها، بعيدة عن التطور والنمو والاستقرار، وهذا ما يمكننا أن نسميه بالاستعمار الجديد.

إننا نمر بمرحلة شديدة الحساسية فإما ان تنجرف دول الخليج نحو المزيد من الخطوات التصعيدية، وتتسع الفجوة.. وإما أن نعي المخطط الشرير الذي يحاك لنا، ونعمل على تجاوزه، وإفشال أهدافه.

الأمل الآن معقود في حكمة أمير الديبلوماسية، سمو أمير البلاد ليعيد الأمور إلى نصابها، فهو الوحيد القادر على التجديف وسط الأمواج الهائجة ليصل بالسفينة إلى بر الأمان ويقينا شرور العواصف.

ولا شك أننا نحتاج إلى أصوات بحكمة في دولنا الخليجية لإدارة وتسيير هذه المرحلة، فالأطماع الإيرانية، والتوترات العراقية، والدماء السورية، وآلة القتل الصهيونية، والانقسامات المصرية كل هذه الأمور تستدعي منا النظر بعين الاعتبار إلى مستقبل دول الخليج وفهم المخططات الغربية لنهب الثروات العربية... ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.

الأنباء- كتب: مشاري العلوش

تعليقات

اكتب تعليقك