أما أنتم يا سادة أرباب هذه الوسائل الإعلامية، فلا نقول لكم إلا حسبنا الله في الكويت ونعم الوكيل.. دعاء من د. سامي ناصر خليفة
زاوية الكتابكتب أغسطس 3, 2008, منتصف الليل 554 مشاهدات 0
إعلام يفوح تعصباً!
بلغة إعلامية حاقدة يملأها التعصب الأعمى بمعنى وبلا معنى شنّ بعض الإعلام المحلي حملة تهييج عاطفي للشارع ضد شريحة الفقراء البنغال الذين أضربوا عن العمل أخيراً احتجاجاً على عدم حصولهم على رواتبهم منذ أشهر طوال وعلى استحقاقاتهم المادية المتدنّية أصلاً. لغة إعلامية لا تمت إلى أخلاقنا وإنسانيتنا بأي صلة، بل يمكن القول إنها تبعث على إشاعة الكراهية بين الناس وتغليب العاطفة على العقل لتكون الخاسر الأكبر الكويت وأهلها.
هذا الإعلام لا أعرف ما هو هدفه من إثارة تلك النعرة الحاقدة وتبني أسلوب الردح الكاذب، إلا اللهم لخلق جو اصطفافي مقيت وفزعة «نخوة» لا نخوة فيها لتبرير أسلوب التعسف الذي تبنته وزارة الداخلية ضد هذه الشريحة من الفقراء، ونعتهم بالمجرمين وتصوير حالهم، وكأن بلاءات الكويت كلها مصدرها هم، وأنه برحيلهم سيعم الأمن والاستقرار والراحة والطمأنينة... تعساً لهكذا منطق!
يا سادة مسؤولي هذه الوسائل الإعلامية لا تحتاج الكويت إلى تلك اللغة النتنة، ولا يحتاج شعبها إلى تلك الفزعة السوداء، لأنها باختصار تضر ولا تنفع، بل تخلق شعباً تجري في عروقه دم التعصب الأعمى في كره بني البشر من الجنسيات الأخرى، وهي قومية منبوذة حذرنا منها رسولنا الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه. فالعلة يا سادة تكمن في تجار الإقامات من أرباب العمل الذين أوجدوا المشكلة بجشعهم، وهم كويتيون، والعلة أيضاً في الحكومة الفاقدة للحكمة، والتي أهملت البعد الوقائي في المشكلة وتجاهلت المأساة التي تعيشها تلك الشريحة المظلومة حتى وصل السيل الزبى، وأعضاء الحكومة كويتيون أيضاً. والعلة الثالثة اعتلتها وزارة الداخلية التي ما أن وجدت حالاً كهذه حتى بادرت مسارعة في استخدام لغة التعسف وإطلاق العنان لتصرفات أقل ما يمكن وصفها بأنها لا تمت إلى روح التحضر والتمدن بشيء، وهم كويتيون أيضاً. فكيف لنا أن نتجاوز هؤلاء كلهم لنمقت أبناء الجنسية البنغالية؟
بمعنى آخر، ما علاقة الجنسية والأصل بما جرى يا سادة يا مسؤولي هذه الوسائل الإعلامية؟ ولماذا تصبّون نار الفتنة والحقد والتفريق بين الكويتيين وغيرهم؟ نعم، هناك من الجرائم التي ارتكبها بعض أبناء تلك الجالية، ولكن هل يمكن أن نقبل تعميم الكراهية ونعت السوء على أبناء تلك الجالية المسلمة كلهم، فقط، لأن بعضهم مجرمون ورب العزة والجلال يقول «ولا تزر وازرة وزر أخرى»؟ وما ربط جرائم بعضهم تلك بالظلم الذي تعرضوا إليه من شريحة جشعة من تجار الإقامات؟
نعم، لدينا في الكويت عنصرية تتعلق بطبيعة تعاملنا مع الشرائح المتدنية مهنياً من العمالة الوافدة. تلك العنصرية التي يشعر بها السواد الأعظم من هؤلاء الذين يقضون جزءاً من حياتهم هنا في الكويت، وعلينا أن نعترف بهذه المشكلة، لأن الاعتراف بداية المعالجة، وهي الخطوة الأولى من سلم الحل، فالعمالة الوافدة تعاني الكثير من الظلم، ابتداء بالاحتقار الاجتماعي، ومروراً بالرواتب المتدنية، وانتهاء بعدم انصاف القانون لهم، ولا يعقل أن يتم استهدافهم بهذا الأسلوب عند أول صرخة آهٍ من قبل شريحة منهم، بل كان علينا أن نعتبر ما جرى ناقوس خطر ومؤشراً سلبياً لتداعيات طبيعة تعاملنا معهم. أما أنتم يا سادة أرباب هذه الوسائل الإعلامية، فلا نقول لكم إلا حسبنا الله في الكويت ونعم الوكيل.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
[email protected]
تعليقات