'إلى الكويت: إلا بزعل'!
زاوية الكتابكتب فبراير 16, 2014, 5:41 م 1642 مشاهدات 0
في الأسبوع الماضي، سافرت في رحلة قصيرة إلى الكويت، وهي المرة الأولى التي أزور بها الكويت في موسم مهرجان «هلا فبراير»، فعادة ما أزورها في مناسبات ثقافية فقط، لا أخفيكم أن هذه الزيارة كانت مختلفة تماماً عن سابقاتها، ربما لأنها الوحيدة التي استطعت أن أتمعن بها في المدينة وأنا متفرغة تماماً، وهي الوحيدة أيضاً التي شعرت بها أن الكويت لم تعد الكويت التي عهدناها في السابق، تلك الدولة المتحضرة المتطورة الرائدة في الثقافة والفنون، وكأن الزمان توقف بها عند الثمانينيات، وأقولها بأسف شديد، لكن لن أتطرق في مقالي عن هذا الموضوع، بل سأكتب عن موقف تعرضت له في مطار الكويت، وأعتقد أنه يعكس ما قلت بأن الكويت لم تعد كما عهدناها.
بعد أن انتهينا من إجراءات الجوازات والتذاكر اتجهنا إلى بوابة الطائرة، كان المطار مزدحما بصورة كبيرة في ذلك اليوم، ربما بسبب زيارة السياح للمهرجان، وفيما اصطففنا بطابور ضيق للغاية حيث يضع المسافرون حقائبهم في جهاز التفتيش قبل الدخول، كان الموظفان (رجل وامرأة) يصرخون بأعلى صوتهم على الركّاب:
موظف التفتيش (الرجل) يقول موجهاً حديثه للرجال: «شيلوا أي معادن لابسينها، بس مو تحطونها بجناط حريمكم عبالكم مانشوف!».
أما الموظفة المرأة فتصرخ بكل فظاظة قائلة: «صفوا عدل وين قاعدين بمدينة ترفيهية؟!».
وللعلم، فإن المسافة بين السلالم الكهربائية وجهاز التفتيش التي يصطف بها الركّاب لا تزيد على خمسة أمتار! يريدون من ركّاب طائرة كاملة أن «يصفوا عدل» بهذه المساحة الضيقة!
جاء دوري في التفتيش وإذا بي أجد حقائب اليد وحاجيات الركّاب متكدسة على الأرض، لأن موظف التفتيش لم يكن يعطي الركاب مهلة لالتقاط أغراضهم، فالتفت وقلت له: «لو سمحت شوي شوي على أغراضنا ما يصير مرمية بالأرض».
فالتفت بوضعية استعداد للدفاع وكأن هناك من تهجّم عليه ليرد بأعلى صوته: «شنو شنوووو مو إنتي تعلميني بشغلي!».
لا أخفيكم بأنني فوجئت بردة الفعل، فأقل ما توقعته هو أن يناولني حقائبي ويعتذر عن عدم انتباهه لتكدس الأغراض في الأرض، أو أبسط الإيمان، يرد بـ «إن شاءالله»! لكن يبدو أنني بالغت في توقعاتي.
فقلت: «مو أعلمك بس ما يصير أغراضنا تنرمي بالأرض احتراماً للناس»، وأخذت أغراضي ومشيت، لأفاجأ بأنه ترك جهاز التفتيش، وترك عمله الأساسي، وترك الناس مزدحمين بتلك البقعة الضيقة ولحق بي قائلا: «أنا أعلمك»، واتجه إلى موظف الجوازات الذي يقف للتأكد من الجوازات قبل الركوب ويأمره مشيراً إلي: «لا تجعلها تركب الطائرة».
تصوروا أن موظف تفتيش يمنعكم من ركوب الطائرة لمجرد أنك أعطيته ملاحظة في تقصيره بعمله! والأعظم من ذلك أن موظف الجوازات كان سيطبق أمره، وتدخلت شرطة المطار بالأمر والتي أيضاً لم تعرف كيف تتصرف، أما الأسوأ والأمر من ذلك، هو أنهم لم يفسحوا لي الطريق لركوب الطائرة إلا بسبب «ميزات» يحملها جوازي، جعلت رجلا من رجال دولة الكويت له مكانته يتدخل في الأمر ويحتوي الموضوع، حتى لا يكبر ويصل إلى خلاف أعظم قد يتسبب به خلاف تافه مثل هذا!!
لم أزعل على موظف التفتيش، ولم أزعل على تصرفه ورفع صوته بوجه امرأة، ولم أزعل على صراخهم وفظاظتهم مع الركّاب، ولم أزعل على الشرطة التي لم تتصرف، ولم أزعل على سوء استقبال الضيوف، ولم أزعل على كوني من مواطني مجلس التعاون الخليجي الذين يفترض أن تكون معاملتهم بالمثل، ولم أزعل على أن الجواز السعودي «من دون ميزات» ليس له مكانة في الكويت، إنما زعلت على المستوى الذي وصلت له الكويت، حز بخاطري الدرجة التي وصلت لها الكويت لتسمح بوجود هذا المستوى من المعاملة في المطار، الذي هو واجهة أي دولة، ومن المفترض أن يمثل العاملون به الكويت أفضل تمثيل، زعلت لأن المسؤول عن المطار في الكويت نسي أن موظفي المطار هدفهم الأساسي هو حماية المطار، وحماية الناس في المطار وخدمتهم.. زعلت كثيراً عليك يا كويت.
الكاتبة سعودية تكتب في صحيفة الكويتية
تعليقات