فوزية أبل تذكر بخطورة ملفات الاتفاقية الأمنية ومدى كلفتها السياسية
زاوية الكتابكتب فبراير 12, 2014, 11:16 ص 1423 مشاهدات 0
الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعود إلى صدارة المشهد السياسي في الكويت مجدداً، ويترقب الشارع الكويتي والخليجي الموقف النيابي لمجلس الأمة.
فقد أرجأت لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية التصويت عليها إلى يوم 3 مارس المقبل، تحت مبرر مزيد من الدراسة، على الرغم من أن الاتفاقية أُشبعت قراءة ودراسة منذ أشهر، وتم الإسهاب في الآراء وردود الأفعال ووسائل التواصل، وتغطيتها من جانب وسائل الإعلام.
وأعلن بعض الخبراء الدستوريين عن رفضهم لبعض بنود الاتفاقية، لمخالفتها نصوص الدستور الكويتي.
ووصف د.محمد الفيلي بعض بنود الاتفاقية، بأنها «مفاهيم غامضة تجعل أمر نفاذها محاطاً بالمخاطر، لما تتضمنه من بعض العبارات، كالاستقرار أو النظام العام. إن مثل هذا الغموض يقود إلى تقييد غير محدد يضر بالحقوق والحريات، وهو الأمر الذي يتعارض مع الدستور» (الجريدة).
ويحاول البعض تبرير مخاوف ومحاذير الرأي العام الكويتي تجاه الاتفاقية الأمنية، بأن بنود الاتفاقية لا تخالف الدستور والقوانين والتشريعات الكويتية، وأنها لا تمثل أي انتهاك وخطر على الحريات، وأنها تأتي في إطار من التعاون والمساعي المبذولة لحفظ أمن وتماسك دول مجلس التعاون الخليجي.
التعاون بين دول الخليج العربي أمر مرحَّب به لدى كل مواطني مجلس التعاون، لو كان الاهتمام بمصالح المواطنين. ومن الطبيعي أن تشهد مبادرات ومشاورات بين دول الخليج، لبحث التعاطي مع الهاجس الأمني، ولاسيما بعد التطورات والأحداث السياسية في المحيط العربي والإقليمي وتداعياتها الأمنية. ومن الطبيعي أيضاً، وفي ظل هذه الظروف، أن يُبادر المهتمون والشارع الكويتي والخليجي إلى التدقيق في بنودها، لأن أي قيود تمس الحريات، هي مسألة غير مرحَّب بها في الأوساط الخليجية، وليس في الكويت فقط، فمن المعروف أن الاتفاقيات الأمنية عادة ما تكون موجهة ضد الشعوب.
فالمادة الثانية تقول: «تتعاون الدول الأطراف في ما بينها لملاحقة الخارجين على القانون أو النظام أو المطلوبين من الدول الأطراف أياً كانت جنسياتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم»، الواضح أنها عبارات مطاطة، والتوسع في تفسيرها سوف يبيح ملاحقة أعداد هائلة من البشر.
وفي المادة الثالثة «تعمل كل دولة طرف على اتخاذ الإجراءات القانونية في ما يعد جريمة، وفقا للتشريعات النافذة لديها، عند تدخل مواطنيها أو المقيمين بها في الشؤون الداخلية لأي من الدول الأطراف الأخرى».
هل يعلم القائمون على هذه الاتفاقية مدى الكلفة السياسية والأمنية في حال تطبيق مثل هذه المواد؟
هل نسينا كيف فتح الكويتيون في الستينات بيوتهم للمعارضين البحرينيين آنذاك؟
والاتفاقية تقول في المادة الرابعة «تتعاون كل دولة طرف بإحاطة الأطراف – عند الطلب- بالمعلومات والبيانات الشخصية عن مواطني الدولة الطالبة أو المقيمين بها، في مجال اختصاصات وزارة الداخلية».
هنا لابد من التساؤل: إذا كان الشخص مقيماً في بلد خليجي، ويعمل ضمن الأطر الشرعية والقوانين المرعية، فما المبرر لإخضاعه لمراقبة بلده الأصلي، وتمرير كل بياناته والمعلومات عنه؟ فهل يُعقل مثل هذا النهج البوليسي وغير الإنساني بحق أي مواطن خليجي شقيق؟!
فمع وجود منظومة مجلس التعاون الخليجي، يرى الكثيرون بعدم جدوى مثل تلك الاتفاقيات، في وقت لم يحقق هذا المجلس مقومات المواطنة الخليجية، ولم يدعم قيام مؤسسات المجتمع المدني المستقلة المعززة لتلك المواطنة.
هذه الاتفاقية طالما لم تحظَ بتأييد شعوبها، فهي بذلك تكون غير ذات شرعية، وتكبل حرية المواطن الخليجي، وتتجاهل حقه في المشاركة في صنع القرارات المصيرية والتنموية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل معالجة مشاكلنا وقضايانا المصيرية وهمومنا تكون فقط بقوانين رادعة داخل كل بلد خليجي؟.. وهل هكذا يكون «التعاون» بين الأشقاء الخليجيين؟
تعليقات