هل نحن أغبياء؟ أو أبوي ما يقدر إلاّ على أمّي؟ بقلم عبدالله زمان
زاوية الكتابكتب يناير 22, 2014, 5:33 م 1775 مشاهدات 0
حال السياسة لمن يعرفها بوعي وإدارك وصدق الممارسة، أن يكون إعادة التموضع بالساحة أمر وارد جداً بشرطها وشروطها خصوصاً إن كانت مبنية على قناعات تُحقق المصلحة العامة لا المصالح الشخصية والوقتية. فما نقوله اليوم لا يمكن أن ينفك عن مبدأ لا إفراط ولا تفريط، فلا رفض مطلق أو قبول مطلق بالعمل السياسي إلاّ فيما ينافي الأعمال المستقر عليها كالدستور مثلاً.، وبالأخير السياسة وسيلة تُمارس بأدواتها لتحقيق غاية نبيلة، والغايات تلك موضع الرهان الدائم بأي عمل سياسي.
لست هنا بصدد الدفاع عن تجمع المسار المستقل الذي وّلد مؤخراً بالساحة، لكن ما أثار استغرابي هي حالة الهلع والجزع الذي أصاب البعض بمجرد أنه سمع بمخاض ولادة هذا الكائن السياسي الجديد. واستغرابي هنا استمر لأيام وأنا أبحث عن أسبابه، حتى وجدت بأن أغلبه يتمحور حول استهجان البعض بتبدّل المواقع للسادة مؤسسي تجمع المسار المستقل.
ما يضحك الثكلى وأنا أبحث بكلام المعترضين - بعقل أو بجهالة - على نشأة المسار المستقل، أن أغلبهم قد غيّروا مواضعهم السياسية وبشكل يراه الأعمى قبل البصير. وكأن لسان حال هؤلاء المتهكمين بأننا نقول ما نريد لأن الشعب أغلبه لا يحمل ذاكرة قوية.
لذلك ليسمح لي هؤلاء النفر أن أُذكّر الشعب بأمثلة عابرة وسريعة لمن غيّر مساره السياسي، ربما نقطع الطريق على من أضحكنا بالفترة الأخيرة منتقداً الآخر والمرض فيه، ولا أعني هنا من ورد إسمه بهذا المقال، فلهم كامل التقدير والإحترام.
كلّنا يذكر ما قاله النائب مسلم البرّاك بحق الشيخ ناصر المحمد عند أو تكليف له برئاسة الوزراء، وكيف أن التكتل الشعبي كان حليفاً مادحاً للمحمد وبرئاسة السعدون، حتى أنتهى المسار السياسي بالشعبي أنهم فجروا بخصومتهم مع الرجل.
وكلّنا أيضاً يذكر كيف بفترة زمنية رفع بعض النشطاء شعار (إلاّ الدستور) محذّرين من إنتهاك الدستور ومواده، بل أن السيد أحمد الديين أنشأ جبهة وطنية لحماية الدستور بهدف صيانة هذا الدستور كما هو، إلاّ أن مآل هذه العملية إنتهت إلى المطالبة بدستور جديد ونسف ما هو موجود.
وحينما نتذكر ماذا كان الموقع السياسي للسادة خالد الفضالة وعبدالرحمن العنجري (مثلاً) بيوم من الأيام وأين أصبحوا الآن، هنا لا يستطيع أنصار تلك الأسماء أن يتهكّموا على من بدّل موقعه بالساحة السياسية. كما لا يحق لذلك التيار الطارد لبعض مؤسسيه أن يتكلّم هو الآخر ضد أي تيّار يجذب الناس. وبما أننا ذكرنا عبدالرحمن العنجري وتبدّل موقعه، كلّنا يذكر ما قاله بومشاري يوماً بحق مسلم البرّاك ووصفه لسلوك بوحمود السياسي كصدام حسين وموسيليني وهتلر، وبالنهاية إلتحم معه لاحقاً بهدف وأجندة واحدة.
يا سادة، الأمثلة كثيرة لو أردت حصرها، لما كفاني هذا المقال. ولكن ما أشرت له أعتقد فيه مؤونة كافية لكل من يريد أن يفهم قوانين السياسة ويتعامل على إثرها بكل رقي وإحترام.
أمّا ما يخص الحمّى التي أصابت البعض، دعوني اسأل بكل هدوء، هل الساحة السياسية ضاقت بها الوسيعة فقط على التيارات الموجودة؟ أم هل قبول الآراء في الميدان حكر على نفر دون سواهم؟ ومن منظور آخر، لماذا جزع بعض المنتسبين لتيارات سياسية بمجرد أنهم سمعوا بأن المسار المستقل قادم؟
وبختام تلك التساؤلات، إذا كانت أهدافك نبيلة، وسلوكك السياسي يستقطب الناس، فلماذا تصرف وقتك وجهدك بمخاصمة منافسيك وأنت تعلم بأن تستنزف من رصيدك الشعبي .. هذا لو بقي لك رصيد شعبي أصلا.
عبدالله زمان
تعليقات