أزهار الربيع العربي لم تتفتح بعد.. هذا ما تراه سعدية مفرح

زاوية الكتاب

كتب 750 مشاهدات 0


القبس

أسفار  /  أزهار الربيع لم تتفتح بعد!

سعدية مفرح

 

هل تحول الربيع العربي إلى خريف عربي فعلاًَ؟

هل تحول موسم الثورات الذي كان ملهماً لكثير من الحركات والتحركات بمستويات مختلفة إلى موات حقيقي يضرب به المثل في الفشل الجماعي؟

هل اصطبغ الياسمين الأبيض الذي الذي كان عنوان أولى ثورات ذلك الربيع بلون الدم؟

تحتفل الجماهير التونسية هذه الأيام بالذكرى الثالثة لثورة الياسمين، وبعد أيام تحتفل الجماهير المصرية بالذكرى الثالثة، أيضاً، لثورة 25 يناير، ولكن الحماسة التي رافقت الثورتين تحديداً خفتت كثيراً، حتى أنها تحوّلت إلى ما يشبه الشعور باليأس أو الرفض، على اعتبار أن تطورات الثورتين، خصوصاً في مصر، لم تأت على ما اشتهى الحالمون في كل مكان.

ألم تكن الثورة حلماً وتحقق؟ نعم، ولكن الأحلام عندما تتحقق تتخلى عن ثوبها الرومانسي الجميل، وتظهر عارية بكل نتوءاتها التي كانت مختفية تحت الثياب الأنيقة، فيصبح لازماً على أصحابها التعامل مع الواقع بكل معطياته غير الأنيقة غالباً.

ليس ما حدث ويحدث في مصر منذ الثلاثين من يونيو الماضي، تحديداً، حيث سالت الدماء البريئة كما لم تسل من قبل بهذا الشكل على أرض مصر، هو السبب الوحيد في الإحساس بالنقمة على الآخر التي تحوّلت إلى نكسة نفسية أو ذاتية. فالنكسة التي مني بها هذا الربيع تتعددت صورها وأشكالها بتعدد صوره وأشكاله في كل مكان، بدءاً من تونس، وانتهاء بسوريا.

وبين المكانين والزمانين، جرت أحداث كثيرة ودم أكثر، وتداول الجميع الكثير من الأفكار والتبريرات التي تصب في أنهار مختلفة من المصالح لهذا الطرف أو ذاك.

لم تعد أطراف الصراع، الذي كان مادة هذا الربيع وساحته، واضحة ومحددة كما السابق، بالسلطة من جهة وبالشعب من أخرى. فالسلطة تشكّلت وتلوّنت وحاورت وناورت وانقسمت وتوحّدت، كطبيعة أي سلطة في أي ظرف. أما الشعب، فقد انقسم على نفسه في كل مكان حلت به نسائم الربيع.

والنتيجة، أننا لم نر أزهاراً قد تفتحت ولا ثماراً قد تدلت، ولكن المزيد من نباتات الصبار الذي وجد الثائر العربي نفسه مجبراً على ازدرادها، من دون هضمها، لعلها تورثه صبراً فوق صبره الموروث ومرارة فوق ما اختزنه جسمه من مرارات تاريخية متناسلة من بعضها البعض بعد ان أدمت يديه الأشواك، ولم يعد يبالي بالدماء وهي تسيل من بين أصابعه.

هل علينا أن نستسلم لفكرة الخريف الآن، إذن؟

لا نظن أنها فكرة جيدة ولا حتى منطقية حتى لو رآها البعض واقعاً معاشاً. فكل هذا الواقع المنتكس على أعقابه حدث في ثلاث سنوات فقط، وهو زمن لا يكاد يذكر في عمر الشعوب وتواريخ ثوراتها أبداً. نعم.. ما زلنا في البداية. وأزهار الربيع لم تتفتح بعد!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك