قبول التعددية في المجتمع الواحد دليل على قابليته للتطور.. برأي خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 766 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  قبول 'التعددية' يكرس الوحدة الوطنية

د. خالد عايد الجنفاوي

 

'يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير'(الحجرات 13). 
يشير مصطلح التعددية إلى 'تنوع الجماعات التي يتكون منها المجتمع وتنوع ثقافاتهم وأفكارهم وميولهم' (نجار 805). أعتقد ان من أجل تكريس وحدة وطنية حقيقية من المفترض ترسيخ الاعتراف المتبادل بين أعضاء المجتمع الوطني حول الطبيعة المتعددة لمجتمعهم. فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يترسخ توافق اجتماعي إيجابي وتآلف نفسي إيجابي بين أعضاء المجتمع الواحد, ما لم تعترف غالبية أعضاء المجتمع وبشكل متسامح بتعددية مجتمعهم واحتوائه على الأقل على تجارب إنسانية متنوعة تحدث في سياق مجتمعي واحد. 
قبول التعددية, النفسية والثقافية, والمعرفية في المجتمع الواحد يدل على صحية ذلك المجتمع وقابليته للتطور الاجتماعي الايجابي. فمن يندمج بشكل إيجابي, مع نفسه, ومع مجتمعه, هو ذلك الفرد الذي يدرك أن مواطنيه الآخرين يختلفون عنه في شخصياتهم, وفي خلفياتهم الاجتماعية, ولكنهم يتفقون معه على ثوابتهم الوطنية المشتركة, وهذه الأخيرة, تشير إلى مجموعة من القيم والمبادئ الاخلاقية الراسخة في النسيج الاجتماعي, والتي تتفق عليها أغلبية المواطنين, وسواء كانت التعددية الايجابية تشير إلى التنوع المناطقي أو العرقي أو المذهبي, فهذه الحالات الانسانية تبقى بديهيات طبيعية, أي ليس من المفترض تجاهلها بحجة تكريس وحدة وطنية جامعة, فالوحدة الوطنية في عالمنا المعاصر تتمثل أكثر من قبل في قبول تنوع وتعددية التجارب الانسانية والميول النفسية والشخصية لأعضاء المجتمع وقبولهم جميعهم, وبلا استثناء, تعدديتهم وتمسكهم في الوقت نفسه بوحدتهم الوطنية. 
بالطبع, الاعتراف المتبادل بالطبيعة التعددية للمجتمع الوطني لا تعني اعتناق نعرات قبلية أو فئوية سلبية, بل تشير إلى قبول كل الأطراف بتعددية طرق تفكيرهم وميولهم النفسية. فالنعرات القبلية, والفئوية, والاصطفافات المذهبية السلبية تضعف الوحدة الوطنية ولا تقويها, فالتعددية لا تعني تفرق الكلمة في المجتمع, بل تكشف عن حقيقة ان مهما اختلف أعضاء المجتمع في رؤاهم الشخصية فهم يجتمعون على الحس الوطني والولاء الوطني والانتماء لمجتمع واحد تعددي. 
مجتمع الوحدة الوطنية يشابه الى حد كبير الاسرة الممتدة, تضم أفراداً متميزين عن الآخرين ولكنهم يتشاركون مع بعضهم بعضا حول ثوابت أخلاقية تميز هويتهم الوطنية: تعددية أعضاء الأسرة الواحدة وتنوع شخصياتهم لا ينفيان حقيقة ترابطهم المصيري مع بعضهم البعض.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك