سيد القلاف: الدكتور عمران بهلول العصر
زاوية الكتابكتب يوليو 3, 2007, 7:53 ص 589 مشاهدات 0
بهلول!
هذه الشخصية العلمية الإيمانية المجاهدة المحتسبة الموالية كانت معاصرة
للإمام موسى بن جعفر عليه السلام سابع أئمة أهل البيت عليهم السلام, وقد كان
من أفقه رجال زمانه ومن تلاميذ وأصحاب الإمام الكاظم عليه السلام, عاصر
الدولة العباسية, ولما رأى الرشيد العلم والنبوغ في هذا الرجل أراد أن يعينه
قاضي القضاة لدولته, فأرسل بهلول رسالة إلى سيده الإمام الكاظم يستشيره ويأخذ
منه التكليف فكتب له الإمام حرف (ج) فقط, وفي اليوم الثاني رؤي بهلول يجوب في
السكك والشوارع واضعاً عصاه بين رجليه مشبهها بالحصان, وبدأ يتصرف بحركات
مجنونة جعلت الأطفال تركض خلفه وتصفق وتسخر منه, حتى أشيع في البلد أن بهلول
قد فقد عقله وأصابه الجنون, فأدرك الرشيد سر سلوك البهلول رضي الله عنه, وأن
الرجل بعد سلوكه هذا لا يمكن تعيينه في هذا المنصب ليحمل لقب قاضي القضاة,
وفي أحد الأيام صعد أحدهم المنبر ليخطب في الناس ومن ضمن ما طرحه أن إبليس لا
يعذب في النار فالنار لايمكن أن تحرق النار, وأن الإنسان مجبر وغير مخير, فكل
ما يقوم به من أفعال ليس بإرادته وأن الله يُرى بالعين ولا وجود له, فقام
بهلول رضي الله عنه برمي الخطيب بحجر فأسال دمه, فهجم عليه الناس وقادوه إلى
القاضي فسأله القاضي عن سبب هذا السلوك, فقال بهلول ماضربته, ولكن الله
سبحانه وتعالى ضربه, فنحن مجبورون ولسنا مخيرين كما يقول, وإنه لم يصب بأذى
لأنه مخلوق من طين والحجر طين فكيف يعذب الطين الطين? ثم إنه لم يتألم فهو لم
ير الألم حتى يقول بوجوده, فالتفت القاضي إليه وقال: أنت أعقل مني ومن هذا
الجاهل, فوضع بهلول عصاه بين قدميه وانطلق بها خارج القاعة, وهكذا أمضى حياته
هذا العالم الجليل للحفاظ على دينه.
وتذكرت قصة البهلول حين وصلتني رسالة تفيد بأن الدكتور عمران أدخل مستشفى
الطب النفسي لحرقه العلمين الأميركي والبريطاني اعتراضاً على منح المرتد
سلمان رشدي لقب فارس, وتذكرت حواراً دار بيني وبين السيد الرمز حول الدكتور
عمران, وكان هذا الحوار في مجلس الأمة حين تم اعتقال الدكتور فأجابني أن
الرجل مجنون, فقلت له: بل هو أعقل العقلاء فالرجل قطع أن هذا تكليفه الشرعي
فهو اعترض على الهمجية الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة وأقصى ما
قام به أنه هتف بالموت لأميركا, والجماعة في هذا البلد ملوكيون أكثر من
الملك, فالناس تشتم بوش يومياً أمام البيت الأبيض وعلى الصحافة اعتراضاً على
سياساته وهو أسلوب من أساليب الاعتراض المتعارفة في البلدان الديمقراطية,
ولكن كالعادة لهذا السيد الرمز وجماعته في إلقاء التهم فهي أمر أسهل من مضغ
اللبان في أفواههم.
لعلي ناقشت الدكتور المحترم عمران حول جدوى طريقة اعتراضه وقلت له أنت عملت
بما يرضي ضميرك وانتصرت لنبيك ولدينك وأبديت بطريقة حضارية ردة فعلك دفاعاً
عن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم, ولم تأخذك في الله لومة لائم, بل
امتلكت الشجاعة التي فقدها كثير من الناس, والغيرة على النبي صلى الله عليه
وآله ودين الإسلام الذي يكاد يكون انتهى من صدور المسلمين, لكن نهيك عن
المنكر بهذه الطريقة فقد أثره وكان ماكراً من أرسلك إلى الطب النفسي ليجعل
منك مجنوناً لا حرج على تصرفاتك, وأعتقد أنه حماك فأنت تقول ما تريد وترفع
شعاراتك وتدافع عن دينك ولن يطالك القانون لأنك كما يدعون مجنون! اللهم اشهد
أني أراك أعقل العقلاء وأصدق المؤمنين, وأنك أشجع من بعض الكاذبين الذي
أطلقوا اللحى وادعوا أنهم أنصار دين الله مصداق المنافقين, وأفضل من أولئك
الذين أرسلوا الشباب المتحمس أمام السفارة الأميركية ليهتف ويحرق العلم وهو
متخف وراء المجاميع, وأفضل ممن كان مع مجموعة الشباب الذين فقدوا زهرة شبابهم
بتهمة كاذبة نسبت إليهم, وشاهد بعض ألوان التعذيب الذي جرى على أحدهم, فلما
أطلق سراحه وعاد لبيته وأولاده اكتفى بالبكاء عليهم بل زار جلادهم من دون وخز
ضمير وحياء, فاحذر يا دكتور وتنبه واعرف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
له مراتب ويحتاج إلى عالم به حتى لا يقع المكلف بمحذور الجهل, وإذا كانت كلمة
الموت لأميركا تدخلك الطب النفسي فقلها بالانكليزي لأن الديمقراطية أجنبية
وليست عربية, وان اعتقدت أن هناك أساليب أفضل ومنها الكتابة الصحافية, والحمد
لله رب العالمين.
اللهم احفظ وأيد وسدد حماة الدين واحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه.
* نائب سابق بمجلس الأمة
سيد حسين القلاف *
السياسة
تعليقات