بين 'البوسة' و'السكين' بقلم عبدالله تقي

زاوية الكتاب

كتب 1041 مشاهدات 0

تويتر

شغلت الدواوين والجلسات النسائية والرسائل الإلكترونية خلال الأيام القليلة الماضية بما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من مقطع عرف بفيديو 'القبلات الجماعي' والذي يظهر شابا عشرينيا يتبادل القبلات بسيارته مع صديقتيه ناهيك عن الألفاظ النابية التي وردت في المقطع إياه. فلا أبالغ إن قلت أن أمثال هذه المقاطع لم تعد مستغربة في مجتمعنا خصوصا في ظل الإقبال الجنوني من مختلف الشرائح على استخدام تطبيقات تتيح للمستخدم مشاركة حياته الشخصية من صور ومقاطع فيديو وغيرها مع الآخرين. وقد يناقش البعض ما إن كان مثل هذا الأمر فعلا يندرج تحت بند 'الحرية الشخصية' أم لا، غير أن ما أود تسليط الضوء عليه هو خطورة تقبل المجتمع لمثل هذه الأمور بل ومساهمته في نشرها لتنتقل من مرحلة السرية والخصوصية إلى العلن و'الفضيحة'، ولعل هذا الأمر هو أحد آفات التكنولوجيا الحديثة التي أصيب بها مجتمعنا الذي ما يزال عاجزا برأيي عن كيفية مواجهتها بحزم وحكمة.

مجتمعنا اليوم بات يعاني من الفساد اﻷخلاقي بمختلف صوره، فالجميع أصبح يتحدث عن الفساد الإداري والمالي والسياسي وغيره، لكن الواقع أن الفساد الأخلاقي هو حلقة الوصل الأساسية التي تجمع كل أنواع الفساد. بل تعدى الفساد اليوم كل الحدود ليهدد أرواح الآمنين، فتكرر حوادث القتل الشنيعة في المجمعات التجارية وغيرها ما هي إلا انعكاس للانحدار الأخلاقي الذي بات يعيشه المجتمع الكويتي. كل ذلك والدولة تقف عاجزة عن مواجهة مد الفساد الأخلاقي بل لعلها تعزز مثل هذا النوع من الفساد أحيانا بسلوكيات مشينة تخرج ممن يقفون موقف المسؤولية ويتقلدون المناصب القيادية. والأدهى والأمر من ذلك أن الدولة باتت انتقائية في تطبيقها للقانون حتى في مواجهتها لهذه السلوكيات المشينة التي تهدد أمننا الاجتماعي. فحين نراها تسارع بالقبض على أبطال 'الفيديو الفاضح' أو مرتكبي 'جريمة المارينا' وتفتخر بنشر صورهم وكفاءة قوى الأمن في سرعة إنجاز المهمة، نراها تغض الطرف عن مواجهة من خرج جهارا متفاخرا بنحره للأطفال، بل يبرر أحد الوزراء عدم اتخاذه لإجراءات بحقه تعفيه من موقعه كمدرس و'مربي للأجيال القادمة' في الجامعة بأن ذلك 'خارج صلاحياته'، في مؤشر واضح على ضعف الدولة في مواجهة هذا النوع من الفساد اﻷخلاقي الذي يكرس ثقافة النحر على الهوية.

بين ثقافة 'البوس' وثقافة 'السكين' بات مجتمعنا مهددا بمرحلة من التهتك لن تجر عليه سوى المزيد من الويلات لا سيما في ظل رؤية ضبابية للحكومة بكيفية مواجهة هذه الظواهر. ولي فات الفوت ما ينفع الصوت.

د.عبدالله تقي

الآن - رأي: عبدالله تقي

تعليقات

اكتب تعليقك