المصالح هي المحرك للصراع الدامي في سورية.. بنظر الخضاري
زاوية الكتابكتب سبتمبر 17, 2013, 12:57 ص 655 مشاهدات 0
الراي
فكر وسياسة / سورية.. وبلاهتنا التي لا تنتهي!
د. سليمان الخضاري
الحوار حول الأوضاع في سورية أصبح جزءا أساسيا من طقوس زيارتي الأسبوعية لمنزل العائلة، وهو حوار يختزل في مجمله الكثير من ملامح حالة الاستقطاب التي تجتاح مجتمعنا، ومجتمعات أخرى بالطبع، عند التعامل مع قضايا بهذه الضخامة، وبكل ما تعنيه وتسببه من حساسية على مستويات اجتماعية وسياسية.
وبعكس الصورة النمطية التي تعززها المسبقات الفكرية والاجتماعية، فإن الحوار في منزلنا يتصف دوما بالسخونة ووجود آراء تعبر عن مختلف ألوان الطيف أو معظمها، فمن أم سليمان العزيزة التي تمثل أقصى اليمين في الدفاع المستميت عن النظام وخياراته وتبني رواياته، إلى أقصى اليسار الذي يقف في بيتنا عند حدود التأييد المبدئي لحق الشعوب في اختيار أنظمتها وسقف المشاركة السياسية المقبولة ضمن الأطر الفكرية والاجتماعية والسياسية لتلك المجتمعات مع شيء من الموازنة بين الفريقين المتحاربين في سورية، باستثناء الجماعات الارهابية التكفيرية المتطرفة.
وبين هذا وذاك تتنوع الحوارات وتتناول مجمل القراءات المختلفة للبعد الاقليمي والدولي ودوره في تأجيج الصراع، مرورا بانعكاس الصراع وآثاره على المستوى المحلي، وعلى مستوى الطائفة الشيعية على وجه الخصوص. وعند هذا الأخير لابد لنا من وقفة، إذ انني أزعم أن ما يحرك الكثير من مواقفنا وآرائنا في العديد من الأحداث المحلية والاقليمية وغيرها هو قراءتنا المرتبطة بشكل أو بآخر بخلفياتنا المذهبية، ونظرة محايدة لتعاملنا مع الكثير من القضايا التي عصفت بالمنطقة والكم الرهيب من التناقض الذي يلون آراءنا وتحيزنا لهذا الطرف أو ذاك وتبدل المواقف بتبدل مواقع أطراف النزاع في مكان وآخر يكشف كم أننا مجتمعات بسيطة في سلم التطور الحضاري، يغلب على معظمنا التعصب والتحيز باعتبار الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية، والضحية على الدوام هو الموقف الأخلاقي والحقوقي الذي نجد ألف سبيل وسبيل لتجاوزه وتجاهل الالتزام به دون وخزة من ضمير.
ومع الاعتراف بتعقيد الموقف ووجود العديد من مستويات التفسير للعوامل التي خلقت واقعنا التعيس وعملت على استمراره، إلا أن إحدى الحقائق الجلية في هذا الصدد هو فشل الدولة الحديثة في مجتمعاتنا على خلق الظروف الكفيلة بصناعة هوية وطنية جامعة تعزز الانتماء للكيان الأكبر على حساب الكيانات الأولية من طائفة وقبيلة وعائلة وغيرها، هذا إن افترضنا وجود نية ما لدى السلطات في مجتمعاتنا لتغيير هذا الواقع، وهو ما تدحضه الكثير من الشواهد الدالة على استغلال أصحاب القرار والمصالح لواقعنا الممزق والمهترئ من أجل تمرير مشاريعها التي تغلب عليها النفعية الآنية وتضخيم الأرصدة وتعميق استحواذهم على السلطة.
هل قلت المصالح؟
بالطبع! وهل غيرها ما يحرك جميع اللاعبين على المسرحين الاقليمي والدولي، رغم كل ما تبثه الآلة الاعلامية الموالية لهذا الطرف أو ذاك من تبريرات شبه أخلاقية لمواقفها وخياراتها، فلا النظام في سورية وحلفاؤه معه مثلا هو ذلك النموذج المجسد للفضيلة المطلقة، وهو قطعا ليس ذلك الشيطان الاستثنائي الذي برز كنبت غريب وسط حديقة من الزهور!
سينتهي يوما ما ذلك الصراع الدامي في سورية، وسيترك أيا كانت نتائجه آثارا عميقة وندبات لجروح كارثية تذكرنا على الدوام بغبائنا المطلق والذي يجعلنا مجرد وقود لحروب بالوكالة لا تخدم إلا مصالح الآخرين، ويبقى مشروع التطوير السياسي والتحديث المجتمعي مؤجلا... حتى اشعار آخر!
تعليقات