خيبة أوباما وتراجع هيبة أميركا.. بقلم ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب سبتمبر 4, 2013, 1:01 ص 968 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / أوباما بين الهيبة والخيبة!
ناصر المطيري
يقول المثل الشامي القديم: (الفَرَس من ورا الفارس)، ويقابله في جزيرة العرب: المثل القائل: (الفرس من خيالها..) بمعنى أنه مهما كانت الفرس قوية أو ضعيفة فإن الدور الأكبر لغلبتها في السباق أو القتال يعود للفارس الذي يركبها ويمسك برسنها، وهذا ما ينطبق على الفرس الأميركية اليوم التي كانت فيما مضى تصول وتجول وتتقدم في كل مضمار عسكري وسياسي بقوة وجموح فتحسم كل المعارك وتقود جموع الخيل، تلك الفرس نراها اليوم نافرة مترددة متراجعة، خيبتها تأكل هيبتها، واتضح أن الفرس الأميركية لم تتغير وإنما المتغير هو الفارس الذي يمتطيها!
نقول ذلك ونحن نرقب حالة التردد والتراجع والخيبة الأميركية في مواجهة الوضع في سورية وكيف تعامل الرئيس الأميركي باراك اوباما مع الضربة العسكرية ضد النظام السوري التي كانت حتمية قريبة فأصبحت محتملة بعيدة..
ويبدو أن الأطراف الإقليمية في الشرق الأوسط بدأت تشعر بأن الولايات المتحدة في حالة من الانكفاء والتراجع الاستراتيجي، رغم مكابرة إدارة الرئيس اوباما، وتتجسّـد تلك الحالة في حالات التعثر والإخفاق للمشروع الأميركي من أفغانستان إلى الصومال، مرورا بالعراق والسودان وفلسطين ولبنان، خاصة في ضوء اخفاق واشنطن سياسيا في دعمها وتحالفاتها الأخيرة مع القوى السياسية الجديدة الصاعدة في مصر وسورية وتونس..
والواقع أنه وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال تشكل قوة اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية مهيمنة على المسرح الدولي، لكنها فقدت انفرادها بالتحكم الكلي في مجريات الأمور في العالم من خلال بعض الإخفاقات التي منيت بها سابقا، الأمر الذي شجع قوى عالمية وإقليمية على انتزاع ما تستطيع انتزاعه من أدوار على الساحة الدولية، وأدى ذلك إلى فقدان الهيبة لمكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم اليوم، حتى على المسرح الأوروبي، وبالتالي، لم تعد أميركا تحظى بالهيبة المعنوية التي كانت تدفع خصومها إلى الشعور بالرهبة من تحديها والتي كانت تجبر الحلفاء على الالتزام الكامل بكل ما تريده منهم واشنطن، حتى ولو جاءت في شكل إملاءات أميركية، ما فتح أمام كل من الخصوم والحلفاء هامشا أوسع من المناورة وهم يراقبون خيبة اوباما وتراجع هيبة أميركا في الحدث السوري.
لذلك نعتقد أنه اذا كان استخدام السلاح الكيمياوي يشكل غطاء للضربة العسكرية الاميركية الغربية دون تفويض من مجلس الامن الدولي، فان المعطيات والمؤشرات تؤكد ان الضربة العسكرية إذا حظيت بغطاء قانوني شعبي من خلال موافقة الكونغرس فيجب أن تصبح حاسمة مؤثرة تصل إلى اجتثاث بشار الأسد وهي بذلك ستمثل فرصة استثنائية لتحقيق مجموعة من الاهداف أهمها : الهيبة المفقودة وإعادة الاعتبار لإدارة الرئيس باراك اوباما التي اهتزت صدقيتها بسبب تردد القرار سياسيا وعسكريا في حسم الملف السوري بما من شأنه ان ينهي الصراع العسكري في سورية بعد أن ظلت تراقب تزايد نفوذ روسيا والصين في مجلس الامن وعلى الساحة الدولية، كما انها اي ادارة اوباما لم تتمكن من إيقاف تعاظم النفوذ الايراني على الصعيد الاقليمي انطلاقا من الازمة السورية، وبعبارة اخرى، فان الضربة الصاروخية لسورية إن تمت بعد أن تتجاوز عنق الكونغرس فستساعد في ترميم هيبة الولايات المتحدة التي تصدعت خلال السنوات الماضية.
تعليقات