'شبه مستحيلة'.. خليل حيدر واصفاً حلول الأزمات الكويتية

زاوية الكتاب

كتب 935 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  الكويت.. تريد حلاً!

خليل علي حيدر

 

الكثيرون مصابون بالهلع من نضوب النفط في الكويت، والانهيار الاقتصادي، السياسي، الاجتماعي الذي سيتبعه في الواقع مستقبل الكويت الصناعي، الزراعي، الاستثماري، التجاري.. سيبدأ بعد ذلك!
نحن لا نتمنى أن ينتهي انتاج البترول والثروة المتدفقة الى الميزانية ودعم الرواتب والاقتصاد والاحتياطي العام للدولة. ولكن نهاية هذه «الحقبة البترولية» لن تكون نهاية الكويت هذه النهاية، لا تعني حتماً جفاف الآبار، بل ربما اختراع البدائل وتغير نمط الاستهلاك في مجال الطاقة او تطور تقنيات الاستخراج وغير ذلك.
بيد الاقتصاد الكويتي كما هو واضح، احتياطي ضخم في تزايد وهناك مليارات في المؤسسات المالية والتجارية والصناعية وغيرها في القطاع الخاص وفي ارصدة الافراد وهناك احتياطي ضخم لم نمسه حتى الان بشكل مدروس، هو الاحتياطي البشري وكل هذه الخبرات الكويتية الرجالية والنسائية الشابة التي درست في ارقى الجامعات، او وجدت نفسها في مؤسسات ناجحة او فاشلة، دون حرية حركة أو دور مؤثر.. لاسباب معروفة كثيرة الجميع يعرف ان اعظم احتياطي تنموي في بلدان النمور الآسيوية كان عقول شعبها وخريجي المعاهد والجامعات.. ولا يزال.
نضوب النفط او تراجع دوره وانحسار تدفق امواله المليارية، ربما يفسح المجال للعقلية الاستثمارية الكويتية ان تنطلق من جديد، بعد ان كتلت منذ عام 1950 وبداية الحقبة البترولية. هذه العقلية تعرضت لتشويه قاس بسبب الدور الحكومي العريض الذي عرقل تفاعلات الحياة الانتاجية، والذي بنى الاقتصاد وعقول الناس على اموال النفط السهلة.
هذا الذي عشناه منذ عام 1950 ليست اقتصاداً بالمعنى المعروف المفهوم، اذ لا علاقة له بالانتاج بل بالتوزيع، توزيع ثروة متدفقة على البلاد من الخارج.. لمحاسن الحظوظ أو لعدم تطور بدائل الوقود! ومن هنا عشنا في بحبوحة ولا نزال وسط اسوأ الازمات الاقتصادية العالمية بما فيها الازمات الاخيرة قبل عام او اعوام. الرواتب على حالها، وانفاق الافراد والاسر في ازدياد، والمأكل والمشرب والاسفار في تنوع لا مثيل له حتى ضاقت بالناس المطاعم والمطارات.
غير ان حياتنا السياسية والاجتماعية متردية، لانها لا تقوم على اقتصاد عصري منتج يعرف قيمة القرض والمال ومتاعب الانتاج ومشاكل العمالة وتأثير الضرائب واهمية الفائدة في الأموال المستثمرة وربما ازدادت رفاهية الشعب كلما تردى الوضع السياسي وسياسات التنفيع وزيادات الرواتب المتوالية ودعم الأكل والسكن والزواج والكهرباء والتعليم.. والمنشط والمكره!
الشريحة المتوسطة الكويتية اليوم، ربما هي اشد شرائح العالم العربي المماثلة كسلاً واتكالاً على الراتب الحكومي، والاسوأ انه اتكال في احيان كثيرة بلا مقابل فالكثيرون يقبضون ولا يحضرون الى مواقع العمل، ومثلهم يغيبون بداع وبلا داع، وجميعهم لا يرون بأساً بقضم يوم هنا واسبوع هناك، والتمارض ومجابهة «الظروف القاهرة»، كلما لم يجدوا سبباً للغياب.
هذه الشريحة، تقوم عليها الديموقراطية الأمريكية والألمانية، وتزدهر بسبب اخلاصها ودورها الفعال اقتصاديات اليابان والهند وآسيا، وتنتعش اسواق الابتكار والاختراع في معظم البلدان المتقدمة.
يقولون لا توجد بدائل اقتصادية حقيقية للنفط في الكويت. طبعاً لا توجد بدائل حقيقية لأموال تتدفق هكذا بلا توقف الى جيوب التاعب واللاعب، ومن يستحق الزيادة ومن لا يستحق الا الطرد!
الكثيرون منا يهاجم النفط ويعتبره اس البلاء ومنبت الشقاء وهذا خطأ كبير يذكرنا بعداء عمال اوروبا في بداية الثورة الصناعية للآلات والمصانع التي باتت تهدد نمط حياتهم اذ يمكن الجمع بين دخل البترول والاستقرار الاقتصادي المنتج
ما ارآه ان التحدي لا يملك له حلاً سوى نظرة مسؤولة يشارك فيها الجميع، الحكومة والاقتصاديون من ملاك وخبراء، والمؤسسات المهنية المختلفة والاعلاميون.
لا ينبغي للاقتصاد الكويتي السليم ان ينتظر «كارثة» نضوب النفط او تدهور اسواقه كي يبدأ لا بد ان يتحرك المجتمع بسرعة فالمخاطر تزحف من كل صوب، ونحن بحاجة الى حلول شبه مستحيلة ان توقعناها من خلال الصراع السياسي الراهن.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك